﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴾ هذه السورة مكية وسبب نزولها قال ابن عباس: أبطأ الوحي مرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة حتى شق ذلك عليه فقالت أم جميل امرأة أبي لهب يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت الآية ولما ذكر فيما قبلها وسيجنبها الأتقى وكان سيد الأتقياء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هنا نعمه تعالى عليه.﴿ مَا وَدَّعَكَ ﴾ أي تركك وقرأ أبو بحرية وابن أبي عبلة بالتخفيف ما ودعك.﴿ وَمَا قَلَىٰ ﴾ ما أبغضك واللغة الشهيرة في مضارع قلى يقلي.﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾ ذلك في الآخرة وقال ابن عباس: رضاه ان لا يدخل أحد من أهل بيته النار واللام في الآخرة لام الابتداء أكدت مضمون الجملة ولما وعده هذا الموعد الجليل ذكره بنعمه تعالى عليه في حال نشأته.﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ ﴾ يعلمك.﴿ يَتِيماً ﴾ توفي أبوه عليه السلام وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه عليه السلام وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب وأحسن تربيته وقيل لجعفر الصادق لم يتمّ النبي صلى الله عليه وسلم من أبويه فقال: لئلا يكون عليه حق لمخلوق.﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ ﴾ قال ابن عباس: هو ضلاله وهو صغير في شعاب مكة رده الله تعالى إلى جده عبد المطلب ورأيت في النوم أني أفكر في هذه الجملة فأقول على الفور ووجدك أي وجد رهطك أي وجد رهطك ضالاً فهداه بك.﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً ﴾ أي فقيراً عال الرجل أفتقر وأعال كثر عياله.﴿ فَأَغْنَىٰ ﴾ رضاك بما أعطاك من الرزق ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث وصاه بثلاث كأنها مقابلة لها.﴿ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ أي فلا تحقره.﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ ﴾ ظاهره المستعطي.﴿ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ أي فلا تزجره لكن أعطه أو رده ردّاً جميلاً.﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ معناه بث القرآن وبلغ ما أرسلت به والظاهر أنه لما تقدم ذكر الامتنان عليه بذكر الثلاثة أمره بثلاثة فذكر اليتيم أولاً وهي البداية ثم ثانياً السائل وهو العائل وكان أشرف ما امتن به عليه هي الهداية فترقى من هذين إلى الأشرف وجعله مقطع السورة وإنما وسط ذلك عند ذكر الثلاثة لأنه بعد اليتم هو زمان التكليف وهو صلى الله عليه وسلم معصوم من اقتراف ما لا يرضي الله تعالى في القول والفعل والعقيدة فكان ذكر الامتنان بذلك على حسب الواقع بعد اليتم وحالة التكليف وفي الآخرة ترقى إلى الأشرف فهما مقصدان في الخطاب.


الصفحة التالية
Icon