﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ ﴾ هذه السورة مكية ولما ذكر فيما قبلها من كمله الله تعالى خلقاً وفضله على سائر العالم ثم ذكر هنا حالة من يعاد به وأنه يرده إلى أسفل السافلين في الدنيا والآخرة وأقسم تعالى بما أقسم به أنه خلقه مهيأ لقبول الحق نقله كما أراد إلى الحالة السافلة والظاهر أن التين والزيتون هما المشهور إذ بهذا الإِسم وفي الحديث" مدح التين وأنه يقطع البواسير وينفع من النقرس "وقال تعالى:﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ ﴾[المؤمنون: ٢٠] أقسم تعالى بمنابتهما فالتين ينبت كثيراً بدمشق والزيتون بايليا فأقسم بالأرضين وقيل هما جبلان بالشام على أحدهما دمشق على الآخر بيت المقدس ومعنى سينين ذو الشجر.﴿ وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ ﴾ هو مكة وأمين للمبالغة أي آمن من فيه ومن دخله وما فيهن من طير وحيوان ومعنى القسم بهذه الأشياء إبانة شرفها وما ظهر فيها من الخير بسكنى الأنبياء والصالحين. فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم عليه السلام ومولد عيسى ومنشأ والطور المكان الذي نودي عليه موسى عليه السلام ومكة مكان مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومكان البيت الذي هو هدى للعالمين.﴿ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ في أحسن صورته وحواسه والإِنسان هنا إسم جنس وأحسن صفة لمحذوف تقديره في تقويم أحسن تقويم.﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ ﴾ أي بالهرم وذهول العقل وتغلب الكبر حتى يصير لا يعلم شيئاً أما المؤمن فمرفوع عنه القلم والاستثناء على هذا منقطع وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا بل في الجنس من يعتريه ذلك ومن لا يعتريه وفي الحديث وفيه أيضاً" أن المؤمن إذا رد إلى أرذل العمر كتب له خير ما كان يعمل في قوته "وذلك أجر غير ممنون أي غير مرفوع ولا مقطوع أو محسوب يمن به عليهم والخاب في فما يكذبك للإِنسان الكافر أي ما الذي يجعلك مكذباً بالدين تجعل لله تعالى أنداداً وتزعم أن لا بعث بعد هذه الدلائل.﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ ﴾ وعيد للكفار وإخبار بعدله تعالى.


الصفحة التالية
Icon