﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ هذه السورة مكية ولما ذكر فيما قبلها كون الكفار يكونون في النار وجزاء المؤمنين فكأن قائلاً قال متى ذلك فقال: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ قيل والعامل فيها مضمر تدل عليه الجمل الآتية تقديره تحشرون وأضيف الزلزال إلى الأرض إذ المعنى زلزالها الذي تستحقه يقتضيه جرمها وعظمها.﴿ وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ جعل ما في بطنها أثقالا.﴿ وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا ﴾ على معنى التعجب لما يرى من الأهوال والظاهر عموم الإِنسان.﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يوم إذا زلزلت وأخرجت.﴿ تُحَدِّثُ ﴾ والظاهر أنه حديث حقيقة وقيل مجاز عن احداث الله فيها من الأهوال ما يقوم مقام التحديث باللسان، وفي سنن ابن ماجة حديث في آخره تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني وعن ابن مسعود تحدث بقيام الساعة إذا قال الإِنسان مالها فتخبر بأن أمر الدنيا قد انقضى وأمر الآخرة قد أتى فيكون ذلك جواباً لهم عن سؤالهم.﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ﴾ أي بسبب إيحاء الله تعالى لها فالباء متعلقة بتحدث.﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ ﴾ انتصب يومئذٍ بيصدر والصدر يكون عن ورد فقال الجمهور هو كونهم في الأرض مدفونين. والصدر قيامهم للبعث وأشتاتاً جمع شت أي فرقاً مؤمن وكافر ومؤمن عاص سائرون إلى العرض.﴿ لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ والظاهر تخصيص العامل أي فمن يعمل مثقال ذرة خيراً من السعداء لأن الكافر لا يرى خيراً في الآخرة وتعميم من يعمل مثقال ذرة شراً من الفريقين لأنه تقسيم جاء بعد قوله: ﴿ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ وقرىء ليروا بضم الياء وفتحها ونبه بقوله: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ على أن ما فوق الذرة يراه قليلاً كان أو كثيراً وهذا يسمى مفهوم الخطاب وهو أن يكون المذكور والمسكوت عنه في حكم واحد بل يكون المسكوت عنه بالأولى في ذلك الحكم والظاهر انتصاب خيراً وشراً على التمييز لأن مثقال ذرة مقدار وقيل بدل من مثقال وقرىء يره بالفتح في الياء فيهما أي يرى جزاءه من ثواب وعقاب.