﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ﴾ هذه السورة مكية ومناسبتها لما قبلها ظاهرة ولا سيما إن جعلت اللام متعلقة بنفس فجعلهم أو بإِضمار فعلتا ذلك لإِيلاف قريش حتى تطمئن في بلدها فذكر ذلك للامتنان عليهم إذ لو سلط عليهم أصحاب الفيل لتشتتوا في الأقاليم ولم تجتمع لهم كلمة وقال الخليل: اللام تتعلق بقوله: فليعبدوا والمعنى لأن فعل الله بقريش هذا ومكهم من الفهم هذه النعمة.﴿ فَلْيَعْبُدُواْ ﴾ أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلة وإلاف الرحلة كانوا أربعة أخوة وهم بنو عبد مناف هاشم كان يؤلف ملك الشام أخذ منه خيلاً فآمن به في تجارته إلى الشام وعبد شمس كان يؤلف إلى الحبشة والمطلب إلى اليمن ونوفل إلى فارس فكان هؤلاء يسمعون المجيرين: فيختلف تجر قريش إلى الأمصار بخيل هؤلاء الأخوة فلا يتعرض لهم أحد.﴿ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ﴾ هو الكعبة وتمكن هنا هذا اللفظ لتقدم حمايته في السورة التي قبلها ومن هنا للتعليل أي لأجل الجوع كانوا ببلد غير ذي زرع عرضة للجوع والجدب لولا لطف الله تعالى بهم وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام قال تعالى:﴿ يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾[القصص: ٥٧].
﴿ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾ فضلهم على العرب بكونهم يأمنون حيث ما حلوا يقال هؤلاء قطان بيت الله فلا يتعرض إليهم أحد وغيرهم خائفون وقال ابن عباس: وآمنهم من خوف معناه من الجذام فلا ترى بمكة مجذوماً.