﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ ﴾: القرآن، رَتَّب الحمد عليه إشارةً إلى إنزاله من أعظم نعمائه.
﴿ وَلَمْ يَجْعَل لَّه { ُ: لعبده.
{ عِوَجَا ﴾
: شيئا من العوج عن الحق ﴿ قَيِّماً ﴾: مستقيماً فيما أمر ظاهرا.
﴿ لِّيُنْذِر ﴾: الكافرين.
﴿ بَأْساً ﴾: عذابا.
﴿ شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ ﴾: من عنده.
﴿ وَيُبَشِّرَٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَّاكِثِينَ فِيهِ ﴾: في الأجر.
﴿ أَبَداً وَيُنْذِرَ ٱ ﴾: كرره لعظم ذنب ﴿ لَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً ﴾: خصهم استعظاما لكفرهم.
﴿ مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ﴾: لأنه محال بل يُقلدون فيه آبائَهم.
﴿ وَلاَ لآبَائِهِمْ ﴾: الذين قالوه.
﴿ كَبُرَتْ ﴾: عظمت مقالتهم هذهِ ﴿ كَلِمَةً ﴾: تمييز ﴿ تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾: نبه به على أن شأنها ألا تتصف بقصد قلبي والخارج: حقيقة الهواء الحامل لها لأن الحروف كيفيات تعرض للصوت فالإسناد مجازي ﴿ إِن ﴾: ما ﴿ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ ﴾: قاتل.
﴿ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ ﴾: إذ ولوا عن الإيمان.
﴿ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ ﴾: القرآن.
﴿ أَسَفاً ﴾: لفرط الحزن، ثم علَّل النهي بقوله ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ ﴾: من الأموال ﴿ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ ﴾: لنختبرهم ﴿ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾: بالزهد فيها من غيره.
﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً ﴾: فتاتا ﴿ جُرُزاً ﴾: يابسا لا ينبت ولما تعجبت قريش من قصة أهل الكهف وسألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم امتحانا نزل ﴿ أَمْ ﴾: بل أ ﴿ حَسِبْتَ ﴾: يا إنسان ﴿ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ ﴾: الغار في حياتهم نياما مُدةً مديدةً ﴿ وَٱلرَّقِيمِ ﴾: جبَل كهفهم او لوح على بابه كتب أنسابهم، أو هم ثلاثة دخلوا كهفا حذرًا من المطر فانحطت صخرةٌ على بابه فتوسل كلٌّ منهم بحسنه عملها، ففرج عنهم، وحديثهم مشهور ﴿ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا ﴾: آيةً ﴿ عَجَباً إِذْ أَوَى ﴾: سكن.
﴿ ٱلْفِتْيَةُ ﴾: الشبانُ السبعة والمختلفون فيها: إما أنفسهم كما ذكر في: " قال قائل منهم... إلى آخره " وإما أصل قريتهم حين هربوا من دقيانوس إذا أكرههم بالشرك.
﴿ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ﴾: تسترنا عنهم.
﴿ وَهَيِّىءْ ﴾: يسر ﴿ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا ﴾: الذي نحن فيه ﴿ رَشَداً ﴾: هداية.
﴿ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ ﴾: حجابًا يمنع السَّماع، أي: أنمناهم شديداً من ضربت على يده إذا منعته عن التصرف ﴿ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ﴾: معدودةً ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ ﴾: أيقظناهم ﴿ لِنَعْلَمَ ﴾: مشاهدة ﴿ أَيُّ الحِزْبَيْنِ ﴾: من المختلفين في مدة لبثهم ﴿ أَحْصَى ﴾: أَضبط ﴿ ٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً ﴾: غاية حاصلة ضبطُ أمد زمان لبثهم ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ ﴾: بالصدق ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ﴾: شبانٌ ﴿ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ ﴾: بالتثبيت.
﴿ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ﴾: قَوّيناهم بالصبر على المخوفات ﴿ إِذْ قَامُواْ ﴾: عند دقيانوس إذا أوعدهم بسبب ترك الأصنام ﴿ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً ﴾: لو دعونا غيره قولا ﴿ شَطَطاً ﴾: ذا شططٍ، أي: إفراطٍ في الكفر ﴿ هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ ﴾: هـلاَّ ﴿ يَأْتُونَ عَلَيْهِم ﴾: على عبادتهم.
﴿ بِسُلْطَانٍ ﴾: بُرهَان.
﴿ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً ﴾: بالإشراك ﴿ وَ ﴾: قال بعضهم لبعض ﴿ إِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾: إذ كانوا يعبدون الأصنام مع الله تعالى.
﴿ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ ﴾: يبــــسط ﴿ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ﴾: في الدارين.
﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ ﴾: الذي أنتم فيه.
﴿ مِّرْفَقاً ﴾: ترتفقون أي: تنتفعون به من الغذاء ونحوه.
﴿ فَأْوُوا ﴾: إليه وناموا، وأجيب دُعاؤهم ﴿ وَتَرَى ﴾: لو رأيتهم ﴿ ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ ﴾: تميل.
﴿ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ﴾: جهة يمين الكهف ﴿ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ﴾: تتجاوز عنهم ﴿ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ ﴾: جهة شماله فلا يقع عليهم شعاعها لئلا يحترقوا، والكهف جنوبي، أعني بابه إلى بنات نعش.
﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ ﴾: متسع.
﴿ مِّنْهُ ﴾: من الكهف ليتروحوا بالهواء ﴿ ذٰلِكَ ﴾: المذكور.
﴿ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً ﴾: منتبهين لانفتاح أعينهم لروُح الهواءِ ﴿ وَهُمْ رُقُودٌ ﴾: نيامٌ ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ ﴾: أي جهتهما كل سنة مرة لحفظ جسدهم من الارض.
﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ ﴾: يديه نائم مثلهم.
﴿ بِٱلوَصِيدِ ﴾: بفناء الكهف، وهو كلب صيد لأحدهم طردوه فقال: أنا أحبُّ أحباء الله، ناموا وأنا أحرسكم.
﴿ لَوِ ٱطَّلَعْتَ ﴾: رؤيةً.
﴿ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ﴾: خوفا منع الله بهذا دخول الناس عليهم وأمر معاوية حين غزا الروم ففتحوا ليراهم فمنعه ابن عباس مستدلاً بهذه الآية، فأرسل جماعةً فلما دخلوا جاءتهم ريح فأحرقتهم ﴿ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ ﴾: مدة لبثهم فيزداد يقينهم، والـلاَّم للصيرورة والعاقبة ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم ﴾: يوماً.
﴿ لَبِثْتُمْ ﴾: نائمين.
﴿ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾: فإنه غالب مدة النوم، أو لدخولهم صُبحاً وتنبههم مغربا، فلما ترددوا في طول المدة لطول أظفارهم ونحوه.
﴿ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ ﴾: فضَّتكم ﴿ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ ﴾: التي خرجتم منه اسمها طَرسُوس وفي الجاهلية: أُفْسوس.
﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ ﴾: أي: أهل القرية.
﴿ أَزْكَىٰ ﴾: أحل.
﴿ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ ﴾: دل على أن التزود دأبُ المتوكلين.
﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ ﴾: في المعاملة أوالاختفاء.
﴿ وَلاَ يُشْعِرَنَّ ﴾: لا يفعلن ما يؤدي إلى أن يشعر ﴿ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ ﴾: أهل المدينة ﴿ إِن يَظْهَرُواْ ﴾: يظفروا.
﴿ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ﴾: يقتلوكم بالرجم.
﴿ أَوْ يُعِيدُوكُمْ ﴾: يصيروكم.
﴿ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً ﴾: إن كفرتهم.
﴿ أَبَداً وَكَذٰلِكَ ﴾: البعثُ ﴿ أَعْثَرْنَا ﴾: اطلعنا.
﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: أهل المدينة ﴿ لِيَعْلَمُوۤاْ ﴾: أهلها.
﴿ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾: بالعبث.
﴿ حَقٌّ ﴾: كما في تلك الرقدة ﴿ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ ﴾: أعثرنا حين ﴿ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ﴾: أمْرَ دينهم في بعث الروح فقط أو مع الجسد.
﴿ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ ﴾: ملكهم ومؤمنهم.
﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً ﴾: نُصلي فيه، ثم لما دخل المبعوث بالدرهم الدقيانوسي، اتهموه بالعثور على الكنز فأخبر بأن عهدي بهذه المدينة عشية أمس، فتعجبوا منه وأخذه الملك النصراني وصدقه جمع سمعوا بتواريخهم فجاءهم الملك مع أهل البلدة وكلموهم بما جرى، ثم ودع الفتية وماتوا ودفنهم الملك وبنى عليهم.


الصفحة التالية
Icon