لمّا بّيَن انتقامه من اعدائه، وهو إنعامه على أوليائه، حمد ذاته تعالى على الآية فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ﴾: مُبْدع ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: بلا سبق مثال ﴿ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً ﴾: بينه وبين خلقه للوحي أو الإلهام أو الرؤيا أو لإيصال آثار صنعه ﴿ أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ ﴾: متعددة ﴿ مَّثْنَىٰ ﴾: اثنين اثنين، أي: ذا جناحين ﴿ وَثُلاَثَ ﴾: ثلاثة ثلاثة ﴿ وَرُبَاعَ ﴾: أربعة أربعة، قيل: الأوزان لتكرير تلك الأعداد، فيندفع قولهم صاحب الأجنحة الثلاثة لا يطير إذ الثالث فيها عون للجناحين ﴿ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ ﴾: صورة ومعنى ﴿ مَا يَشَآءُ ﴾: رأى عليه الصلاة والسلام جبريل في المعراج بسبعمائة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا يَفْتَحِ ﴾: ما يرسل ﴿ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد إمساكه، أفاد يتخصيص تفسير الأول سبق رحمته ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في أموره ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في فعله ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ ﴾: ولا تنسوا ﴿ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ ﴾: لا موصوف بالخالقية ﴿ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ ﴾: فمِنْ أيّ وجهٍ ﴿ تُؤْفَكُونَ ﴾: تصرفون عن التوحيد ﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ ﴾: فليس ببدع ﴿ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ ﴾: فاصبر كما صبروا ﴿ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ ﴾: فيجازي الكل ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا ﴾: أي: لذاتها عن الآخرة ﴿ وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ﴾: بمغفرته، الشيطان ﴿ ٱلْغَرُورُ ﴾: فتعصوه فإنه كأكل السم اعتمادا على دفع الطبيعة ﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾: عظيم ﴿ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ﴾: بمخالفته ﴿ إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ ﴾: أتباعه إلى الهوى ﴿ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ ﴾: فيشاركوه في منزله ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ﴾: أي: كمن وفق فرأى الباطل باطلا، دل عليه ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ ﴾: فلا تهلك ﴿ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ ﴾: على غيهم ﴿ حَسَرَاتٍ ﴾: للحسرات عليه، أفهم بجمعها تضاعف اغتمامه المقتضية لها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾: فيجازيهم ﴿ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ ﴾: تزعج ﴿ سَحَاباً ﴾: وهذا حكاية عن الماضي ﴿ فَسُقْنَاهُ ﴾: التفت كما مر ﴿ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ﴾: الإحياء ﴿ ٱلنُّشُورُ ﴾: وفي الحديث" ينزل من تحت العرش مَطرٌ يَعمُّ الأرض وينبت الأجساد من قبورها "﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ ﴾: الشَّرف فليطلبه من الله تعالى بطاعته ﴿ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً ﴾: في الدارين ﴿ إِلَيْهِ ﴾: بلا واسطةٍ ﴿ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ ﴾: التوحيد أو كل ذكر ﴿ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾: الله تعالى، خصه به لما فيه من الكلفة، أو فاعلهُ الكلِمُ، أو العمل ﴿ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ﴾: المكرات ﴿ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾: يفسد ولا ينفذ، ومضى في آية:﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ﴾[الأنفال: ٣٠] ﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ﴾: كآدم ﴿ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ﴾: كذريته ﴿ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً ﴾: ذكورا وإناثا ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ ﴾: إلا معلوما له ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ ﴾: يمد في العمر ﴿ مِن مُّعَمَّرٍ ﴾: طويل عمر ﴿ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ﴾: نفسه، نحو: أن عمل كذا فعمره ستون، وإلا فأربعون، ويؤيد ذلك ما ورد في أسبابهما أو من عمر آخر، من باب: لي درهم ونصفه، أو المعمر: الصائر إلى التعمير ﴿ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ﴾: اللوح أو علم الله تعالى ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾: الحفظ ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ * وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ ﴾: بيان قدره أخرى ﴿ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ﴾: شديد العذوبة أو كاسر العطش ﴿ سَآئِغٌ ﴾: سهل الانحدار ﴿ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾: محرق بملوحته ﴿ وَمِن كُلٍّ ﴾: منهما ﴿ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً ﴾: السمك ﴿ وَتَسْتَخْرِجُونَ ﴾: عطف على من كل ﴿ حِلْيَةً ﴾: كاللؤلؤ والمرجان ﴿ تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ ﴾: في كل ﴿ مَوَاخِرَ ﴾: تمخر الماء، تشقه كما مر ﴿ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾: بالتجارة ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: نعمه ﴿ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ ﴾: فيزيد ﴿ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾: فيزيد ﴿ وَسَخَّرَ ﴾: لكم ﴿ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ ﴾: منهما ﴿ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾: القيامة ﴿ ذَلِكُمُ ﴾: القادر الله ﴿ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ ﴾: وحده ﴿ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾: بالألوهية ﴿ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾: قشرة النواة ﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ ﴾: لأنهم جماد ﴿ وَلَوْ سَمِعُواْ ﴾: فرضا ﴿ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ ﴾: لعجزهم ﴿ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ ﴾: بإيراككم إياهم بتبريهم عن عبادتكم ﴿ وَلاَ يُنَبِّئُكَ ﴾: بالأمور مُخْبرٌ ﴿ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾: وهو الله تعالى


الصفحة التالية
Icon