لمَّا أخبر عن إصرارهم بالكفر وإمهالهم إلى آجَالهم وقد ضاق صدره صلى الله عليه وسلم بذلك، سلاه بأنك على الحق وماجور بإنذارهم، ولكني حكمت في الأزل بشقاوتهم فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ *يسۤ ﴾: كما مر أو أله: يا أنيسين، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، اكتفى بشطره نحو: من الله في أيمن الله ﴿ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ ﴾: ذي الحكم ﴿ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾: التوحيد وهو خبر ثان هو ﴿ تَنزِيلَ ﴾: ونصبا بتقدير: أعني منزل ﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾: في ملكه ﴿ ٱلرَّحِيمِ ﴾: بخلقه ﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ ﴾: في الفترة أو الذي ما أنذر به آباؤهم ﴿ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ ﴾: بالعذاب وهو:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ﴾[السجدة: ١٣] ﴿ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً ﴾: بضم أيديهم إليها ﴿ فَهِىَ ﴾: أي: الأيدي مجموعة أو الأوغال، واصله ﴿ إِلَى ٱلأَذْقَانِ ﴾: مجتمع اللحيين ﴿ فَهُم مُّقْمَحُونَ ﴾: رافعون رؤسهم غَاضُّون أبصارهم، تمثيل لعدم التفاتهم إلى الحق، وخفض رءوسهم له، أو هو أبو جهل رفع حجرا ليرضخ رأسه صلى الله عليه وسلم، فلصقت يده إلى عنقه ولزم الحجر بيده ﴿ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾: تمثيل لحبسهم في مطمورة الجهالة، أو هو مخزومي آخر رفع ذلك الحجر بعده ليرضخ رأسه صلى الله عليه وسلم فعمي ﴿ وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ ﴾: كما مر ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ﴾: إنذارا يؤثر ﴿ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ ﴾: عقابة ﴿ بِٱلْغَيْبِ ﴾: قبل معاينته ﴿ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾: الجنة ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ ﴾: بالحشر أو الجهالة بالهداية ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ ﴾: في حياتهم ﴿ وَآثَارَهُمْ ﴾: حسنتهم وسيئتهم المتعبة بعدهم أو خطأهم صوب الأعمال ﴿ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ ﴾: أي: كتاب ﴿ مُّبِينٍ ﴾: اللوح ﴿ وَٱضْرِبْ ﴾: أي: مثل ﴿ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ﴾: أي: مثل أصحاب ﴿ ٱلقَرْيَةِ ﴾: أي: أنطاكية ﴿ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾: من عيسى أو من الله تعالى ﴿ إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ﴾: الإسناد إليه على الأول لأنه فعل خليقته ﴿ ٱثْنَيْنِ ﴾: يحيى ويونس، وعلى الثاني: صادق وصدوق ﴿ فَكَذَّبُوهُمَا ﴾: بعد أن أبرءا الأكمه والأبرص، وأبرءا حبيب النجار من الجذام بسؤاله فآمن بهما بل كان مؤمنا خفية، ولما اشتهر أمرهما حبسهما الملك ﴿ فَعَزَّزْنَا ﴾: فقويناهما ﴿ بِثَالِثٍ ﴾: شمعون على الأول، وسلوم على الثانين ودخل بلدهم متنكرا وصار من خواص الملك بالتدريج بين للملك صدقها حتى آمن مع كثير من قومه ﴿ فَقَالُوۤاْ ﴾: الثلاثة للباقين الكافرين ﴿ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ * قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾: وإنما الرسول ملك، وهذا يؤيد التفسير الثاني، وعليه كثير من السلف ﴿ وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ ﴾: من الوحي ﴿ إِنْ ﴾: أي: ما ﴿ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ ﴾: أكدوا بما يجري مجرى القسم وهو علم الله تعالى مع أن واللام في: ﴿ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ ﴾: