لَمَّا أمرنا بنصرة حبيبه المصطفى، بَيَّن أنه المبعوث بالهدى المنقذ من الضلالة والردى فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ ﴾: كما مر ﴿ هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ﴾: العرب ﴿ ٱلأُمِّيِّينَ ﴾: أي: الذين ما كتبوا، ولا قرأوا ومالهم كتاب ﴿ رَسُولاً مِّنْهُمْ ﴾ أُمّيّاً أي: لا حي من العرب إلا وله فيهم قرابة إلا بني تغلبب لنصرانيتهم ﴿ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ﴾: مع أنه أُمِّيٌّ ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾: يطهرهم عن خبائث العقائد والأعمال ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ ﴾: القرآن أو الخط ﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾: سنته أو الفقه ﴿ وَإِن ﴾: إنهم ﴿ كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: يعلم ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ﴾: بعدهم ﴿ لَمَّا ﴾ أي: لم ﴿ يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾: بعد وسيلحقون أي: تابعيهم إلى يوم القيامة، وفي الصحيحين" أنهم الفرس "﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في ملكه وصنعه ﴿ ذَلِكَ ﴾: البعث ﴿ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ * مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ﴾ أي: كلفوا العمل بها ﴿ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ﴾: لم يعملوا بما فيها من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ ﴾: حال كونه ﴿ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾: كتبا في عدم الانتفاع مع تعب الحمل، وخص الحمار لأنه المثل في البلادة ولحقارته ﴿ بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: الدال على نبوته صلى الله عليه وسلم ﴿ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: في علمه ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: في زعمكم كما مر ﴿ وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ ﴾: من الكفر ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ ﴾: فيجازيهم ﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ ﴾: السر ﴿ وَٱلشَّهَادَةِ ﴾: العلانية ﴿ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: بالمجازاة ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ ﴾: أذن ﴿ لِلصَّلاَةِ ﴾: لصلاة الجمعة ﴿ مِن ﴾: أي: في ﴿ يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ ﴾: حين قعد الخطيب على المنبر ﴿ فَٱسْعَوْاْ ﴾: بالاهتمام والسكينة لا بالإسراع ﴿ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾: أي: للصلاة ﴿ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ﴾: وأشغالكم، خصه بالذكر لظهوره في المدن ﴿ ذَلِكُمْ ﴾: السعي ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾: من أهل العلم ﴿ فَ ﴾ اسعواْ ﴿ إِذَا قُضِيَتِ ﴾: أديت ﴿ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ ﴾: أمر إباحة ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: لحوائجكم ﴿ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ ﴾: رزقه أو طاعته، وعن بعض السلف: من باع واشترى حينئذ بارك الله له سبعين مرةً ﴿ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً ﴾: حال انتشاركم ﴿ لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: ولما انفضوا من سماع خطبة الجمعة حين سمعوا طبل قدوم عير الشام إلى المدينة إلا اثنى عشر رجلا نزلت: ﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا ﴾: أفهم بالترديد، أن منه ممن خرج لخصوص الطلب ﴿ وَتَرَكُوكَ ﴾ يا محمد ﴿ قَآئِماً ﴾: في الخطبة ﴿ قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾: من الثواب ﴿ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ ﴾: فلا يفوتكم الرزق بترك البيع والتجارة وحسبنا الله ونِعْمَ الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.


الصفحة التالية
Icon