لَمَّا أَوْعدَ مكذبي البعث وغيره بالويل أخبر عن تساؤُلهم عن ذلك استهزاء، وذكر بعض دلائل قدرته عَلى ذلك فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * عَمَّ ﴾: أي عن أيّ شيء عظيم ﴿ يَتَسَآءَلُونَ ﴾: قريش بعضهم بعضا، إذ كانوا يتساءلون عن البعث والجزاء استهزاء ﴿ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ * ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ﴾: بجزم النفي والشك ﴿ كَلاَّ ﴾: ردع عن التساؤل ﴿ سَيَعْلَمُونَ ﴾: في القيامة ﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ﴾: في الجزاء، أو توكيداً ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً ﴾: فراشا ﴿ وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً ﴾: لها لتثبت على الماء ﴿ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً ﴾: أصنافا مختلفة ﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً ﴾ أي: راحة أو موتا ﴿ وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً ﴾: غطاء يستركم ﴿ وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً ﴾: وقت تحصيله ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ ﴾: سموات ﴿ سَبْعاً شِدَاداً ﴾: محكمات لا تتأثر بمر الزمان ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً ﴾: وقادا، أي: الشمس ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ ﴾: السحب ﴿ ٱلْمُعْصِرَاتِ ﴾: الشارفة لأنه تعصرها الرياح فتمطر ﴿ مَآءً ثَجَّاجاً ﴾: كثير الصب ﴿ لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً ﴾: للقوت ﴿ وَنَبَاتاً ﴾: للعلف ﴿ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً ﴾ متلفة الأشجار بعضها ببعض، جمع لفيف ﴿ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً ﴾: لجزاءكم ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ ﴾: ثانية ﴿ فَتَأْتُونَ ﴾ إلى الموقف ﴿ أَفْوَاجاً ﴾: جماعات، كل أحد يعرف شركاءه في العمل ﴿ وَفُتِحَتِ ﴾: شقت ﴿ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً ﴾: ذاب أبواب كثيرة، وهي سقوفها، ثم تلف كالحصير ﴿ وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ ﴾: في الهواء كالهباء ﴿ فَكَانَتْ سَرَاباً ﴾: أي: مثله، إذ صورته جبل وحقيقته هباء ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً ﴾: مرصداً ﴿ لِّلطَّاغِينَ ﴾: يرصدهم خزنتها ﴿ مَآباً ﴾: مرجعاً لهم ﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾: دهورا متتابعة بلا نهاي، وتفسير الحقب بمانين سنة أو سبعين ألف سنة لا يستلزم تناهيها لتتابعها، وإن سلم فهو كالمفهوم فلا يعارض النص على خلودهم ﴿ لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً ﴾: ينفس عنهم الحر أو نوما ﴿ وَلاَ شَرَاباً ﴾: يسكن عطشهم ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن يذوقون ﴿ حَمِيماً ﴾ ماء شديد الحرِّ ﴿ وَغَسَّاقاً ﴾: صديد أهل النار، جوزوا به ﴿ جَزَآءً وِفَاقاً ﴾: موافقا لأعمالهم في العظم ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ ﴾: لا يخافون ﴿ حِسَاباً ﴾: لإنكارهم ﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً ﴾: تكذيباً ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ ﴾: ضبطناه ﴿ كِتَاباً ﴾: مكتوبا في صحف الخفظة، أو إحصاء، يقال لهم: ﴿ فَذُوقُواْ ﴾: جزاءكم ﴿ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ﴾: فوزا، أو موضع فوز بالغيبة ﴿ حَدَآئِقَ ﴾: بساتين ﴿ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ ﴾: جواري صغيرات الثدي، أو عذارى ﴿ أَتْرَاباً ﴾: مستويات السن، كما مر ﴿ وَكَأْساً ﴾: أي: خمرا ﴿ دِهَاقاً ﴾: ملآناً ﴿ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً ﴾: كلاما بلا فادئة ﴿ وَلاَ كِذَّاباً ﴾: تكذيبا من بعضهم لبعض بخلاف مجلس خمر الدنيا، جُوزُوا بهِ ﴿ جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً ﴾: تفضلا ﴿ حِسَاباً ﴾: كافيا، أو على حسب أعمالهم ﴿ رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ ﴾: أهلهما ﴿ مِنْهُ خِطَاباً ﴾: معه إلا بإذنه ﴿ يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ ﴾: ملك أعظم الخلق بعد العرش، أو خلق على صورة آدم غير آدم، وأرواح الناس تقوم صفا ﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً ﴾: صافين ﴿ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً ﴾: كشفا عنه لمن ارتضى ﴿ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ ﴾: الواقع ﴿ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ ﴾ بوابه ﴿ رَبِّهِ مَآباً ﴾: مرجعا يسلم فيه ﴿ إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ ﴾: يا قريش ﴿ عَذَاباً قَرِيباً ﴾: إذ ماهو آت قريب ﴿ يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾: من خير أو شر ﴿ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ ﴾: حين يحكم الله تعالى بين الحيوانات غير الإنسان ثم يجعلهم ترابا ﴿ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ﴾: قيل مؤمنو الجن أيضاً يعودون ترابا، والأصح أنهم حول الجنة في ربض ودرجات وليسوا فيها - والله أعلمُ.