لما ذكر بعض ابتلاءات الإنسان اتبعه بذكر نوع آخر منها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * لاَ ﴾: صلة ﴿ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ﴾: مكة لعظمتها ﴿ وَأَنتَ ﴾: يا محمد ﴿ حِلٌّ ﴾: أي: حلال في المستقبل ساعة من نهار ﴿ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ﴾: فتفعل فيه ما تريد مع عظمته ﴿ وَوَالِدٍ ﴾: هو آدم ﴿ وَمَا وَلَدَ ﴾: ذريته ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ ﴾: جنسه ﴿ فِي كَبَدٍ ﴾: أي: تعب إلى آخر أمره، فاصبر على مكابدة قريش ﴿ أَيَحْسَبُ ﴾: جنسه كأبي الأشدين ﴿ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴾: فينتم منه لقوته ﴿ يَقُولُ ﴾ افتخاراً: ﴿ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً ﴾: كثيرا من معاداة محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ﴾: من أين كسب وفيم أنفق فيجازيه عليه أو على كذبه؟! ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ﴾: للنطق والأكل وغيرهما ﴿ وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ ﴾: طريق الخير والشر، أو الثديين ﴿ فَلاَ ٱقتَحَمَ ﴾: جاوز ﴿ ٱلْعَقَبَةَ ﴾: شكرا ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾: أعلمك ﴿ مَا ٱلْعَقَبَةُ ﴾: لعظمتها وأصلها: طريق في الجبل استعير لقوله ﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴾: من الرق ﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾: أي: جوع ﴿ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ ﴾: قرابة منه ﴿ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾: أي: افتقار ﴿ ثُمَّ كَانَ ﴾: وقت الاقتحام ﴿ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: لأن الإيمان شرط الطاعات، وثم لمجرد تراخي رتبة الإيمان وتباعده في الفضل ﴿ وَتَوَاصَوْاْ ﴾: بعضهم بعضا ﴿ بِٱلصَّبْرِ ﴾: على الطاعة ﴿ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ ﴾: على الخلق ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾: الموصوفون ﴿ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ ﴾: اليمين أو اليمن ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ ﴾: الشمال أو الشؤم ﴿ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ ﴾: مطبقة لا يخرجون منها أبدا.


الصفحة التالية
Icon