لما ذكر بعض ذمائم الخصال وسُوء مآلها أَتْبعه بالحث على تزكية النفس، وأوعد على إهمالها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾: أي: ضوءها إذا أشرقت، والضحى حين إشراقها، فإذا زاد فضحاء بالمد ﴿ وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا ﴾: تبعها طلوعا أول الشهر، وغروبا ليلة البدر ﴿ وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ﴾ إذ تمام تجليها بانبساطه ﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾: فيغطي ضَوْءَها والظروف مؤولة كما في: كورت ﴿ وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا * وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾: بسطها ﴿ وَنَفْسٍ ﴾: للإنسان نكرها تكثيرا أو تعظيما ﴿ وَمَا سَوَّاهَا ﴾: عدل خلقها، آثر ما على من لإرادة معنى الوصفية أي: الشيء القادر الذي فعل، وكونها مصدرية تجرد الفعل عن الفاعل، فلا يلائم قوله: ﴿ فَأَلْهَمَهَا ﴾: أي: بين لها ﴿ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾: وجواب القسم ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾: طهرها من الرذائل بالعلم والعمل ﴿ وَقَدْ خَابَ ﴾: خسر ﴿ مَن دَسَّاهَا ﴾: دنسها، وأخفاها بالرذائل، وقيل: دَسّ نفسه في الصالحين وليس منهم بل ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ ﴾: بسبب طغيانها ﴿ إِذِ ٱنبَعَثَ ﴾: أي: قام ﴿ أَشْقَاهَا ﴾: أي: أشقى ثمود قاتل الناقة ﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ ﴾: صالح، ذروا ﴿ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾: أي شربها في يومها كما مر ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾: بما أوعد ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾: قتلوها ﴿ فَدَمْدَمَ ﴾: أطبق العذاب ﴿ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾: أي: الدمدمة بينهم فلم يفلت أحد منهم ﴿ وَلاَ يَخَافُ ﴾: ربهم ﴿ عُقْبَاهَا ﴾: أي: الدمدمة، كخوف الملوك استئصال الرعايا - واللهُ أعْلمُ.