لمَّا بين له أنه الصمد أمره بأن يصمده ويستعيذ به من شر خلقه فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ ﴾: الصبح أو الخلق إذ قلق عنه ظلمة العدم، أو بيت في جهنم ﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾: خَصَّ عالم الخلق لانحصار الشِّرِّفية، وعالم الأمر كله خير ﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ ﴾: أي: ليل مظلم ﴿ إِذَا وَقَبَ ﴾: أي: دخلت ظلمته في كل شيء، أو القمر إذا انخسف، فإن الضر في الحالتين أكثر ﴿ وَمِن شَرِّ ﴾: السواحر ﴿ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ ﴾: النفث: النفخ مع ريق، وفي الحديث:" مَنْ عَقدَ عُقْدة ثم نَفَثَ فيها فقد سحر "ولذاكره كثيرٌ النفث في الرقَى، والأصحَّ جوازه، لِنفثه صلى الله عليه وسلم في الرقى والمراد في الآية: بنات لبيد اليهودي، سَحَرْن النبي عليه الصلاة والاسم في إحدى عشرة عقدة في وبر، ورمي في بئر، فأخبر الله تعالى به وبمكانه، فأخرجوه، وكلما قرأوا عليه آية من المعوذتين انحلت عقدة، فلما تم برئ صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم منه صدق الكفرة أنه مسحور، فإنهم أرادوا أنه مجنون بالسحر، وخصها بالتعريف لأن كل نفاثة شر، بخلاف الآخرين ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾: فإنه إذا أضمره لا يضر إلا نفسه باغتمامه، وخص الثلاثة بعد التعميم لخفاء شرها، والله تعالى أعلم بالصواب.