يدل عليه، فأما من قرأ ﴿إِلَى آثَارِ﴾ على الإفراد، فيجوز أن تعود الهاء على (أثر) ؛ لأنه يدل على الزرع.
والثالث: أنها تعود على الريح، أي: فرأوا الريح مصفراً، وهو قول الحسن، ومجازه: أن الريح تأنيثها غير حقيقي، والمؤنث الحقيقي إنما يكون في الحيوان، فذكر الوصف، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، والموعظة مؤنثة.
﴿ومن سورة لقمان﴾
* * *
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان: ٢٧].
يقال: مد النهر ومده نهر آخر، قال الفراء: تقول العرب: دجلة تمد بئارها وأنهارنا، والله يمدنا بها، ونقول أمددتك بألف فمدوك. قرأ أبو عمرو ﴿وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ﴾ بالنصب، ورفع الباقون، فالنصب على العطف على ﴿مَا﴾ من وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ﴾، والرفع: على القطع مما قبله، ويكون رفعاً بالابتداء، ﴿يَمُدُّهُ﴾ في موضع نصب على الحال، والخبر محذوف، كأنه قال: والبحر يمده من بعده سبعة أبحر مداد، ثم حذف؛ لأن المعنى مفهوم، أو يضمر (يكون مداداً) وإلى هذا ذهب الفراء، ولا يجوز أن تعطفه على المضمر في وقوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ كأنه في التقدير: ولو أن ما أستقر في الأرض من شجرة أقلام هو والبحر؛ لأن البحر لا يكون أقلاماً. وموضع ﴿مَا﴾ رفع بإضمار فعل، كأنه في التقدير: ولو وقع، أن ما في الأرض؛ لأن ﴿لَوْ﴾ بالفعل أولى، لما فيها من معنى الشرط، ولا يجوز أن تعطف البحر


الصفحة التالية
Icon