﴿نتلوه﴾ أي نتابع قصه بما لنا من العظمة ﴿عليك﴾ وأنت أعظم الخلق حال كونه ﴿من الآيات﴾ أي التي لا إشكال فيها، ويجوز أن يكون خبر اسم الإشارة، ﴿والذكر الحكيم *﴾ إشارة إلى ذلك لأن الحكمة وضع الشيء في أعدل مواضعه وأتقنها، وأشار بأداة البعد تنبيهاً على علو منزلته ورفيع قدره.
ثم أكد ظلمهم وصور حكمته بمثل هذا الفرقان في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام الكاشف لما في ذلك مما ألبس عليهم فقال: ﴿إن مثل عيسى﴾ أي في كونه من أنثى فقط ﴿عند الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً في إخراجه من غير سبب حكمي عادي ﴿كمثل آدم﴾ في أن كلاًّ منهما أبدع من غير أب، بل أمر آدم أعجب فإنه أوجده من غير أب ولا أم، ولذلك فسر مثله بأنه ﴿خلقه﴾ أي قدره وصوره جسداً من غير جنس البشر، بل ﴿من تراب﴾ فعلمنا أن تفسير مثل عيسى كونه خلقه من جنس البشر من أم فقط بغير أب، فمثل عيسى أقل غرابة من هذه الجهة وإن كان أغرب من حيث إنهم لم يعهدوا مثله، فلذلك كان مثل آدم مثلاً له موضحاً لأنه مع كونه أغرب اشهر (وعبر بالتراب دون الماء والطين والحمأ وغيره كما في


الصفحة التالية
Icon