ولما دعوا بمحو ما أوجب الخذلان دعوا بثمرة المحو فقالوا: ﴿وثبت أقدامنا﴾ إشارة إلى أن الرعب من نتائج الذنب، والثبات من ثمرات الطاعة - إنما تقاتلون الناس بأعمالكم - ثم أشاروا إلى أن قتالهم لهم إنما هو لله، لا لحظ من حظوظ النفس أصلاً بقوله: ﴿وانصرنا على القوم الكافرين *﴾.
فلما تم الثناء على فعلهم وقولهم ذكر ما سببه لهم ذلك من الجزاء فقال ﴿فأتاهم الله﴾ المحيط علماً وقدرةً ﴿ثواب الدنيا﴾ أي بأن قبل دعاءهم بالنصر والغنى بالغنائم وغيرها وحسن الذكر وانشراح الصدر وزوال شبهات الشر.
ولما كان ثواب الدنيا كيف ما كان لا بد أن يكون بالكدر مشوباً وبالبلاء مصحوباً، لأنها دار الأكدار؛ أعراه من وصف الحسن، وخص الآخرة به فقال: ﴿وجسن ثواب الآخرة﴾ أي مجازاً بتوفيقهم إلى الأسباب في الدنيا، وحقيقة في الآخرة، فإنهم أحسنوا في هذا الفعال والمقال، لكونهم لم يطلبوا بعبادتهم غير وجه الله، فأحبهم