لإحسانه وخوفاً من عظم شأنه ﴿لهم جنات﴾ وإلى جنات، ثم وصفها بقوله: ﴿تجري من تحتها الأنهار﴾ تعريفاً بدوام تنوعها وزهرتها وعظيم بهجتها.
ولما وصفها بضد ما عليه النار وصف تقلبهم فيها بضد ما عليه الكفار من كونهم في ضيافة الكريم الغفار فقال: ﴿خالدين فيها﴾ ولما كان النزل ما يعد للضيف عند نزوله قال معظماً ما لمن يرضيه: ﴿نزلا﴾ ولما كان الشيء يشرف بشرف من هو من عنده نبه على عظمته بقوله: ﴿من عند الله﴾ مضيفاً إلى الاسم الأعظم، وأشار بجعل الجنات كلها نزلاً إلى التعريف بعظيم ما لهم بعد ذلك عنده سبحانه من النعيم الذي لا يمكن الآدميين وجه الاطلاع على حقيقة وصفه، ولهذا قال معظماً - لأنه لو أضمر لظن الاختصاص بالنزل - ﴿وما عند الله﴾ أي الملك الأعظم من النزل وغيره ﴿خير للأبرار *﴾ مما فيه الكفار ومن كل ما يمكن أن يخطر بالبال من النعيم.
ولما كان للمؤمنين من أهل الكتابين - مع التشرف بما كانوا عليه من الدين الذي أصله حق - حظٌّ من الهجرة، فكانوا قسماً ثانياً من المهاجرين، وكان إنزال كثير من هذه السورة في مقاولة أهل الكتاب ومجادلتهم والتحذير من مخاتلتهم ومخادعتهم والإخبار - بأنهم