فقال قاطعاً جدالهم: ﴿ولو أنهم قالوا﴾ أي في الجواب له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿سمعنا وأطعنا﴾ أي بدل الكلمة الأولى ﴿واسمع وانظرنا﴾ بدل ما بعدها ﴿لكان﴾ أي هذا القول ﴿خيراً لهم﴾ أي من ذلك، لعدم استيجابهم الإثم ﴿وأقوم﴾ أي لعدم الاحتمال الذم ﴿ولكن لعنهم الله﴾ أي طردهم الذي له جميع صفات العظمة والكمال، وأبعدهم عن الخير ﴿بكفرهم﴾ أي بدناءتهم بما يغطون من أنوار الحق ودلائل الخير، فلم يقولوا ذلك.
ولما سبب عن طردهم استمرار كفرهم قال: ﴿فلا يؤمنون﴾ أي يتجدد لهم إيمان ﴿إلا قليلاً *﴾ أي منهم؛ استثناء من الواو، فإنهم يؤمنون، أو هو استثناء مفرغ من مصدر يؤمن أي من إيمانهم ببعض الآيات الذي لا ينفعها لكفرهم بغيره.
ولما بكتهم على فعلهم وقولهم وصرح بلعنهم، خوَّفهم إظهار ذلك في الصور المحسوسة فقال مقبلاً عليهم إقبال الغضب: ﴿يا أيها الذين﴾ منادياً لهم من محل البعد ﴿أوتوا الكتاب﴾ ولم يسند الإيتاء إليه تحقيراً لهم، ولم يكتف بنصيب منه لأنه لا يكفي في العلم