ولما كان حال من يرفق بهم حال من يريد هدايتهم، أنكر سبحانه وتعالى ذلك عليهم صريحاً لبت الأمر في كفرهم فقال ﴿أتريدون﴾ أي أيها المؤمنون ﴿أن تهدوا﴾ أي توجدوا الهداية في قلب ﴿من أضل الله﴾ أي وهو الملك الأعظم الذي لا يرد له أمر، وهو معنى قوله: ﴿ومن﴾ أي والحال أنه من ﴿يضلل الله﴾ أي بمجامع أسمائه وصفاته ﴿فلن تجد﴾ أي أصلاً أيها المخاطب كائناً من كان ﴿له سبيلاً *﴾ أي إلى ما أضله عنه أصلاً، والمعنى: إن كان رفقكم بهم رجاء هدايتهم فذلك أمر ليس إلا الله، وإنما عليكم أنتم الدعاء، فمن أجاب صار أهلاً للمواصلة، ومن أبى صارت مقاطعته ديناً، وقتله قربة، والإغلاظ واجباً.
ولما أخبر بضلالهم وثباتهم عليه، أعلم بأعراقهم فيه فقال: ﴿ودّوا﴾ أي أحبوا وتمنوا تمنياً واسعاً ﴿لو تكفرون﴾ أي توجدون الكفر وتجددونه وتستمرون عليه دائماً ﴿كما كفروا﴾ ولما لم يكن بين ودهم لكفرهم وكونهم مساوين لهم تلازم، عطف على الفعل المودود - ولم يسبب - قوله: ﴿فتكونون﴾ أي وودوا