وأحبابهم، ومع ذلك فأحوالهم في العداوة غاية، كما هو واضح في السير، مبين جداً في شرحي لنظمي للسيرة، وكان السر في ذلك - مع ما تقدم من باعث الزهد - أنه لما كان عيسى عليه السلام أقرب الأنبياء زمناً من زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان المنتمون إليه ولو كانوا كفرة أقرب الأمم مودة لاتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى ذلك يشير ما رواه الشيخان في الفضائل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء أولاد علات - وفي رواية: أبناء، وفي رواية: إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وليس بيني وبينه، وفي رواية: وليس بيني وبين عيسى - نبي.
وفي رواية لمسلم: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة، قالوا: كيف يا رسول الله! قال: الأنبياء إخوة من علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، فليس بيننا نبي».
ولما ذكر سبحانه وتعالى جزاء المطيعين المبادرين إلى الإذعان ترغيباً، ذكر جزاء من لم يفعل فعلهم ترهيباً فقال: ﴿والذين كفروا﴾ أي ستروا ما أوضحته له عقولهم من الدلالة على صحة ما دعتهم إليه الرسل ﴿وكذبوا﴾ أي عناداً ﴿بآياتنا﴾ أي بالعلامات المضافة لعظمها إلينا ﴿أولئك﴾ أي البعداء من الرحمة ﴿أصحاب الجحيم *﴾ أي الذين لا ينفكون


الصفحة التالية
Icon