بالأمر بالعلم فقال: ﴿فاعلموا﴾ أنكم لم تضروا إلا أنفسكم، لأن الحجة قد قامت عليكم، ولم يبق على الرسول شيء لأنكم علمتم ﴿أنما على رسولنا﴾ أي البالغ في العظمة مقداراً يجل عن الوصف بإضافته إلينا ﴿البلاغ المبين *﴾ أي البين في نفسه الموضح لكل من سمعه ما يراد منه لا غيره، فمن خالف فلينظر ما يأتيه من البلاء من قِبَلنا، وهذا ناظر إلى قوله:
﴿بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ [المائدة: ٦٧] فكأنه قيل: ما عليه إلا ما تقدم من إلزامنا له به من البلاغ، فمن اختار لنفسه المخالفة كفر، والله لا يهدي من كان مختاراً لنفسه الكفر.
ولما كانوا قد سألوا عند نزول الآية عما من شأن الأنفس الصالحة الناظرة للورع المتحرك للسؤال عنه، وهو من مات منهم وهو يفعلهما، قال جواباً لذلك السؤال: ﴿ليس على الذين آمنوا وعملوا﴾ أي تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات جناح﴾ فبين سبحانه أن هذا السؤال غير وارد لأنهم لم يكونوا منعوا منهما، وكانوا مؤمنين عاملين للصالحات متقين لما يسخط الرب من المحرمات، وقد بين ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «حرمت الخمر ثلاث مرات: قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك،