حفظ نفسه بعد هذا فاز ﴿ومن عاد﴾ إلى تعمد شيء من ذلك ولو قل؛ ولما كان المبتدأ متضمناً معنى الشرط، قرن الخبر بالفاء إعلاماً بالسببية فقال: ﴿فينتقم الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿منه﴾ أي بسبب عوده بما يستحقه من الانتقام.
ولما كان فاعل ذلك منتهكاً لحرمة الإحرام والحرم، وكان التقدير: فالله قادر عليه، عطف على ذلك ما اقتضاه المقام من الإتيان بالاسم الأعظم ووصف العزة فقال: ﴿والله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا تداني عظمتَه عظمةٌ ﴿عزيز﴾ لا يغلب ﴿ذو انتقام *﴾ ممن خالف أمره.
ولما كان هذا عاماً في كل صيد، بين أنه خاص بصيد البر فقال: ﴿أحل لكم صيد البحر﴾ أي اصطياده، أي الذي مبناه غالباً على الحاجة، والمراد به جميع المياه من الأنهار والبرك وغيرها ﴿وطعامه﴾ أي مصيده طرياً وقديداً ولو كان طافياً قذفه البحر، وهو الحيتان بأنواعها وكل ما لا يعيش في البر، وما أكل مثله في البر.
ولما أحل ذلك ذكر علته فقال: ﴿متاعاً لكم﴾ أي إذا كنتم مسافرين أو مقيمين ﴿وللسيارة﴾ أي يتزودونه إلى حيث أرادوا من البر أو البحر، وفي تحليل صيد البحر حال الابتلاء من النعمة على هذه الأمة ما يبين فضلها على من كان قبلها ممن جعل صيد البحر له محنة يوم الابتلاء -


الصفحة التالية
Icon