جوارحهم، وتارة يصدقون كهذا الموقف ويحلفون على الصدق.
ولما أقروا قهراً بعد كشف الغطاء وفوات الإيمان بالغيب بما كانوا به يكذبون، تسبب عنه إهانتهم، فلذا قال مستأنفاً: ﴿قال﴾ أي الله مسبباً عن اعترافهم حيث لا ينفع، وتركهم في الدنيا حيث كان ينفع ﴿فذوقوا العذاب﴾ أي الذي كنتم به توعدون ﴿بما كنتم تكفرون﴾ أي بسبب دوامكم على ستر ما دلتكم عليه عقولكم من صدق رسولكم، ولا شك أن الكلام - وإن كان على هذه الصورة - فيه نوع إحسان، لأنه أهون من التعذيب مع الإعراض في مقام ﴿اخسؤوا فيها ولا تكلمون﴾ [المؤمنون: ١٠٨] ولذلك كان ذلك آخر المقامات.
ولما أنتج هذا ما تقدم الإخبار به عن خسرانهم لأنفسهم في القيامة توقع السامع ذكره، فقال تحقيقاً لذلك، وزاده الحمل فإنه من ذوق العذاب: ﴿قد خسر﴾ وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتنبيهاً على ما أوجب لهم ذلك فقال: ﴿الذين كذبوا بلقاء الله﴾ أي الملك الأعلى الذي له الأمر كله، ولا أمر لأحد معه، قد خسروا كل شيء يمكن إحرازه من الثواب العظيم واستمر تكذيبهم ﴿حتى إذا جاءتهم الساعة﴾ أي الحقيقة، وكذا الموت الذي هو مبدأها فإن من مات جاءت ساعته، وحذرهم منها بقوله: ﴿بغتة﴾ أي باغتة، أو ذات بغتة، أو بغتتهم بإتيانها على حين غفلة، لا يمكن أن يشعروا بعين الوقت الذي