ولما كان الإنكار لا يسوغ إلاّ مع نهاية العلم بمراتب المفضلين، وأن المفضل لا يستحق التفضيل من الوجه المفضل به، أنكر إنكارهم بقوله: ﴿أليس الله﴾ أي الذي له جميع الأمر، فلا اعتراض عليه ﴿بأعلم بالشاكرين *﴾ أي الذين يستحقون أن يفضلوا لشكرهم على غيرهم لكفرهم.
ولما نهاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن طردهم، علمه كيف يلاطفهم فقال عاطفاً على ما تقديره: وإذا جاءك الذين يحتقرون الضعفاء من عبادي فلا تحفل بهم: ﴿وإذا جاءك﴾ وأظهر موضع الإضمار دلالة على الوصف الموجب لإكرامهم وتعميماً لغيرهم فقال: ﴿الذين يؤمنون﴾ أي هم أو غيرهم أغنياء كانوا أو فقراء، وأشار بمظهر العظمة إلى أنهم آمنوا بما هو جدير بالإيمان به فقال: ﴿بآياتنا﴾ على ما لها من العظمة بالنسبة إلينا ﴿فقل﴾ أي لهم بادئاً بالسلام إكراماً لهم وتطييباً لخواطرهم ﴿سلام عليكم﴾ أي سلامة مني ومن الله، ونكره لما يلحقهم في الدنيا من المصائب؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿كتب ربكم﴾ أي المحسن إليكم ﴿على نفسه الرحمة﴾ ثم علل ذلك بقوله واستأنف بما حاصله أنه علم من الإنسان النقصان، لأنه طبعه على طبائع الخسران إلا من جعله موضع الامتنان فقال: ﴿أنه من عمل منكم سوءاً﴾ أي أيّ سوء كان


الصفحة التالية
Icon