عن قليل الشرك وكثيره، فآل الأمر إلى أن المراد: ولم يلبسوا إيمانهم بشيء من الشرك، فالتنوين حينئذٍ للتحقير كما هو للتعظيم، فهو من استعمال الشيء في حقيقته ومجازه أو في معنيه المشترك فيهما لفظه معاً - والله أعلم.
ولما كان إبراهيم عليه السلام قد انتصب لإظهار حجة الله في التوحيد والذب عنها، وكان التقدير تنبيهاً للسامع على حسن ما مضى ندباً لتدبره: هذه مقاولة إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه، عطف عليه قوله معدداً وجوه نعمه عليه وإحسانه إليه، دالاً على إثبات النبوة بعد إثبات الوحدانية: ﴿وتلك﴾ أي وهذه الحجة العظيمة الشأن التي تلوناها عليكم، وهي ما حاج إبراهيم عليه السلام به قومه، وعظمه بتعظيمها فقال: ﴿حجتنا﴾ أي التي يحق لها بما فيها من الدلالة أن تضاف إلينا، لأنها من أشرف النعم وأجل العطايا ﴿آتيناها﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إبراهيم﴾ وأوقفناه على حقيقتها وبصرناه بها، ونبه على ارتفاع شأنها بأداة الاستعلاء مضمناً لآتينا وأقمنا، فقال: ﴿على قومه﴾ أي مستعلياً عليهم غالباً لهم قائمة عليهم الحجة التي نصبها، ثم زاد في الإعلام بفضله بقوله مستأنفاً: ﴿نرفع﴾ أي بعظمتنا ﴿درجات من نشاء﴾ بما لنا من القدرة على ذلك كما رفعنا


الصفحة التالية
Icon