بغير علم، دل على ذلك مصرحاً بما أفهمه محققاً له تنبيهاً على الدليل القطعي في اجتياح قولهم من أصله، وذلك أنه قول لا حجة له، ومسائل أصول الدين لا يصار إلى شيء منها إلا بقاطع، وذلك بنكرة في سياق النفي فقال: ﴿بغير علم﴾ ثم نزه نفسه المقدسة تنبيهاً على ما يجب قوله على كل من سمع ذلك، فقال: ﴿سبحانه﴾ أي أسبحه سبحاناً يليق بجلاله أن يضاف إليه؛ ولما كان معنى التسبيح الإبعاد عن النقص، وكان المقام يقتضي كونه في العلو، صرح به فقال: ﴿وتعالى﴾ أي تباعد أمر علوه إلى حد لا حد له ولا انتهاء ﴿عما يصفون *﴾.
ولما ختم بالتنزيه عما قالوا من الشريك والولد، استدل على ذلك التنزيه بأن الكل خلقه، محيط بهم علمه، ولن يكون المصنوع كالصانع، فقال: ﴿بديع السماوات والأرض﴾ أي مبدعهما، وله صفة الإبداع، أي القدرة على الاختراع ثابتة، ومن كان كذلك فهو غني عن التوليد، فلذا حسن التعجب في قوله: ﴿أنَّى﴾ أي كيف ومن أيّ وجه ﴿يكون له ولد﴾ وزاد في التعجيب بقوله: ﴿ولم﴾ أي الحال أنه لم ﴿يكن له صاحبة و﴾ الحال أنه ﴿خلق كل شيء﴾ أي مقدور ممكن من كل صاحبة تفرض، وكل ولد يتوهم، وكل شريك يدعي فكيف يكون المبدع محتاجاً إلى شيء من ذلك على وجه التوليد أو غيره.