﴿واتقوا﴾ أي خافوا أمر الله وجعلوا بينهم وبين سخطه وقاية من طاعاته فاستمروا على إيمانهم ﴿لفتحنا عليهم بركات﴾ أي خيرات ثابته لا يقدر أحد على إزالتها ﴿من السماء﴾ أي بالمطر الذي يكون كأفواه القرب وما شابهه ﴿والأرض﴾ بالنبت الغليظ وما قاربه، وقراءة ابن عامر بالتشديد يدل على كثرة تلك البركات، وأصل البركة الموظبة على الخير.
ولما كان الكلام بما أفهمته ﴿لو﴾ في قوة أنهم يؤمنوا عبر بقوله: ﴿ولكن كذبوا﴾ أي كان التكذيب ديدنهم وشأنهم، فلذلك لم يصدقوا رسلنا في شيء، ولما كان التكذيب موضع الجلافة والجمود الذي هو سبب لعدم النظر في الدليل، سبب عنه العذاب فقال: ﴿فأخذناهم﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿كانوا يكسبون*﴾ أي بجبلاتهم الخبيثة من الأعمال المناسبة لها.
ولما كانوا قد ضلوا ضلالاً بعيداً في غلطهم في جعلهم السراء والضراء سبباً للأمن من مكر الله، قال منكراً عليهم أمنهم عاطفاً له على ﴿كذبوا﴾ لأنه سبب الغلط وهو سبب الأمن فقال: ﴿أفأمن أهل القرى﴾ أي كذبوا ناسين أفعالنا المرهبة بالمضارّ والمرغبة بالمسارّ فأمنوا ﴿أن يأتيهم بأسنا﴾ أي الناشىء عما لنا من العظمة التي لا ينساها إلا خاسر ﴿بياتاً﴾ أي ليلاً وهم قد أخذوا الراحة في بيوتهم، ولما كان النوم شيئاً واحداً يغمر الحواس فيقتضي الاستقرار، عبر بالاسم الدالّ على الثبات فقال: ﴿وهم نائمون*﴾ أي على غاية الغفلة عنه.


الصفحة التالية
Icon