الذي تقطع منه اليد - الطرف الذي تقطع منه الرجل.
ولما كان مقصود هذه السورة الإنذار، فذكر فيها ما وقع لموسى عليه السلام والسحرة على وجه يهول ذكر ما كان من أمر فرعون على وجه يقرب من ذلك، فعبر بحرف التراخي لأن فيه - مع الإطناب الذييكون شاغلاً لأصحابه عما أدهشهم مما رأوه - تعظيماً لأمر الصلب. فيكون أرهب للسحرة ولمن تزلزل بهم من قومه فقال: ﴿ثم لأصلبنكم﴾ أي أعلقنكم ممدودة أيديكم لتصيروا على هيئة الصليب، أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم ﴿أجمعين*﴾ أي لا أترك منكم أحداً لأجعلكم نكالاً لغيركم.
ولما كان حالاً يشوق النفوس إلى جوابهم، استأنفه بقوله: ﴿قالوا﴾ أي أجمعون، لم يرتع منهم إنسان ولا تزلزل عما منحه الله به من رتبة الإيمان ﴿إنا إلى ربنا﴾ أي الذي ما زال يحسن إلينا بنعمه الظاهرة والباطنة حتى جعل آخر ذلك أعظم النعم، لا إلى غيره ﴿منقلبون*﴾ أي بالموت انقلاباً ثابتاً لا انفكاك لنا عنه إن صلبتنا أو تركتنا، لا طمع لنا في البقاء في الدنيا، فنحن لا نبالي - بعد علمنا بأنا على حالة السعداء - بالموت على أيّ حالة كان، أو المراد أنا ننقلب إذا قتلتنا إلى من يحسن إلينا بما منه الانتقام منك، ولذلك اتبعوه بقولهم: ﴿وما تنقم﴾ أي تنكر ﴿منا﴾ أي فعلك ذلك بنا وتعيب علينا ﴿إلا أن آمنا﴾


الصفحة التالية
Icon