﴿والله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿يحب﴾ أي يفعل ما يفعل المحب من الإكرام بالفضل والإحسان، ولإثبات ما أفهم الاجتهاد حصل الغنى عن إظهار تاء التفعل أو للندب إلى الطهارة ولو على أدنى الوجوه المجزئة فقال: ﴿المطهرين*﴾ أي قاطبة منهم ومن غيرهم.
ولما علم من هذا بطريق الإشارة والتلويح أن التأسيس مثل ابتداء خلق الحيوان، فمن جبل من أول مرة جبلة شر لا يصلح للخير أبداً ولا يقبله كما قال تعالى ﴿ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون﴾ [الأنفال: ٢٣] ذكره على سبيل التصريح فسبب عما مضى قوله ممثلاً الباطل ببناء على حرف واد واه جداً على شفير جهنم: ﴿أفمن أسس بنيانه﴾ أي كما أشرت إليه في المسجد المحثوث بالإقبال عليه ﴿على تقوى من الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿ورضوان﴾ فكان كمن بنى بنيانه على جبل لا تهدمه الأمطار ولا تؤثر فيه السيول ﴿خير أم من أسس بنيانه﴾ على فسق وفجور وعدم اكتراث بالأمور فكان كمن بنى بنيانه ﴿على شفا﴾ أي حرف، ومنه الشفه ﴿جرف﴾ أي مكان جفرة السيل وجرفه فصار مشرفاً على السقوط، ولذلك قال: ﴿هار﴾ أي هائر، من هار الجرف - إذا أشرف لتخريق السيول على السقوط ﴿فانهار﴾ أي فكان بناؤه لذلك سبباً لأنه سقط سقوطاً لا تماسك معه ﴿به﴾ أي وهو فيه آمناً من سقوطه بقلة عقله وسفاهة رأيه ﴿في نار جهنم﴾


الصفحة التالية
Icon