أترغب عن ملة عبد المطلب؟ - وفي رواية: فكان آخر ما كلمهم أن قال: هو على ملة عبد المطلب - فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾ وأنزل الله في أبي طالب ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [القصص: ٥٦] » ولعله استمر يستغفر له ما بين موته وغزوة تبوك حتى نزلت، ورُوي في سبب نزولها غير هذا أيضاً، وقد تقدم أنه يجوز أن تتعدد الأسباب.
ولما كان الاستغفار للمشركين أمراً عظيماً، وكان فيه نوع ولاية لهم، أظهر سبحانه للمؤمنين ما منّ عليهم به من عدم المؤاخذة بالإقدام عليه تهويلاً لذلك وقطعاً لما بين أوج الإيمان وحضيض الكفران بكل اعتبار فقال تعالى: ﴿وما كان الله﴾ أي الذي له صفات الكمال؛ ولما كان الضلال سبب الهلاك، وكان من شرع شريعة ثم عاقب ملتزمها من غير بيان كمن دل على طريق غير موصل فهلك صاحبه فكان الدال بذلك مضلاً، قال: ﴿ليضل قوماً﴾ أي يفعل بهم ما يفعل بالضالين من العقوبة لأجل ارتكابهم لما ينهي عنه بناسخ نسخه ﴿بعد إذ هداهم﴾ أي بشريعة نصبها لهم ﴿حتى يبين لهم﴾ أي بياناً شافياً لداء العي ﴿ما يتقون﴾ أي مما هو جدير بأن يحذروه ويتجنبوه خوفاً من غائلته بناسخ ينسخ حال الإباحة التي كانوا عليها.