على القيام في المحاولة لما يريدونه، والظاهر أنهم كانوا أيتاماً وأكثرهم - كما قاله مجاهد ﴿على خوف﴾ أي عظيم ﴿من فرعون وملئهم﴾ أي أشراف قوم الذرية؛ ولما كان إنكار الملأ إنما هو بسبب فرعون أن يسلبهم رئاستهم، انحصر الخوف فيه فأشار إلى ذلك بوحدة الضمير فقال: ﴿أن يفتنهم﴾ وأتبعه ما يوضح عذرهم بقوله مؤكداً تنزيلاً لقريش منزلة من يكذب بعلو فرعون لتكذيبهم لأن ينصر عليهم الضعفاء من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلوهم: ﴿وإن فرعون لعال﴾ أي غالب قاهر متمكن بما فتناه به من طاعة الناس له ﴿في الأرض﴾ أي أرض مصر التي هي بكثرة ما فيها من المرافق كأنها جميع الأرض ﴿وإنه لمن المسرفين*﴾ أي العريقين في مجاوزة الحدود بظاهره وباطنه، وإذا ضممت هذه الآية إلى قوله تعالى:
﴿وإن المسرفين هم أصحاب النار﴾ [غافر: ٤٣] كان قياساً بديهياً منتجاً إنتاجاً صريحاً قطعياً أن فرعون من أصحاب النار، تكذبياً لأهل الوحدة في قولهم: إنه آمن، ليهونوا المعاصي عند الناس فيحلوا بذلك عقائد أهل الدين.
ولما ذكر خوفهم وعذرهم، أتبعه ما يوجب طمأنينتهم، وهو التوكل على الله الذي من راقبه تلاشى عنده كل عظيم، فقال: ﴿وقال موسى﴾ أي لمن آمن به موطناً لهم على أن الجنة لا تنال إلا بمشقة عظيمة «يبتلى


الصفحة التالية
Icon