بوجه ﴿أجر المحسنين *﴾ أي العريقين في تلك الصفة وإن كان لنا أن نفعل غير ذلك؛ روى أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم في أول فتوح مصر من طريق الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فأتاه الرسول فقال: ألق عنك ثياب السجن، والبس ثياباً جدداً، وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلما أتاه رأى غلاماً حدثاً فقال: أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها السحرة والكهنة! وأقعده قدامه ثم قال: قال عثمان - يعني ابن صالح - وغيره في حديثهما: فلما استنطقه وسايله عظُم في عينه، وجل أمره في قلبه، فدفع إليه خاتمة وولاه ما خلف بابه - ورجع إلى ابن عباس قال: وضرب بالطبل بمصر أن يوسف خليفة الملك؛ وعن عكرمة أن فرعون قال ليوسف: قد سلطتك على مصر غير أني أريد أن أجعل كرسيّ أطول من كرسيك بأربع أصابع! قال يوسف: نعم.
ولما كان هذا مما يستعظمه الناس في الدنيا، وكان عزها لا يعد في الحقيقة إلا إن كان موصولاً بنعيم الآخرة، نبه على ما له في الآخرة مما لا يعد هذا في جنبه شيئاً، فقال مؤكداً لتكذيب الكفرة بذلك: ﴿ولأجر الآخرة خير﴾ ولما كان سياق الأحكام على وجه عام لتعليقها بأوصاف يكون السياق مرغوباً فيها أو مرهباً منها أحسن وأبلغ،


الصفحة التالية
Icon