ملابسة نحسها ﴿وجئنا ببضاعة مزجاة﴾ أي تافهة غير مرغوب فيها بوجه، ثم سببوا عن هذا الاعتراف - لأنه أقرب إلى رحمة أهل الكرم - قولهم: ﴿فأوف لنا﴾ أي شفقة علينا بسبب ضعفنا ﴿الكيل وتصدق﴾ أي تفضيل ﴿علينا﴾ زيادة على الوفاء كما عودتنا بفضل ترجو ثوابه.
ولما رأوا أفعاله تدل على تمسكه بدين الله، عللوا ذلك بقولهم: ﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿يجزي المتصدقين *﴾ أي مطلقاً وإن أظهرت - بما أفاد الإظهار - وإن كانت على غني قوي، فكيف إذا كانت على أهل الحاجة والضعف.
فلما رأى أن الأمر بلغ الغاية ولم يبق شيء يتخوفه، عرفهم بنفسه فاستأنف تعالى الإخبار عن ذلك بقوله حكاية: ﴿قال هل علمتم﴾ مقرراً لهم بعد أن اجترؤوا عليه واستأنسوا به، والظاهر أن هذا كان بغير ترجمان ﴿ما﴾ أي قبح الذي ﴿فعلتم بيوسف﴾ أي أخيكم الذي حلتم بينه وبين أبيه ﴿وأخيه﴾ في جعلكم إياه فريداً منه ذليلاً بينكم، ثم في قولكم له لما وجدوا الصواع في رحله: لا يزال يأتينا البلاء


الصفحة التالية
Icon