ولما كان المشروط استغراق جميع زمان البعد باتباع الأهواء، قال: ﴿ما لك﴾ حينئذ ﴿من الله﴾ أي الملك الأعلى وأعرق في النفي فقال: ﴿من ولي﴾ أي ناصر يتولى من نصرك وجميع أمرك ما يتولاه القريب مع قريبه. ولما كان مدلول «ما» أعم من مدلول «الذي» لشمولها الظاهر والخفي، وكان من خالف الخفي أعذر ممن خالف الظاهر، نفى الأخص من النصير فقال: ﴿ولا واق *﴾ أي يقيك بنفسه فيجعلها دون نفسك، وقد يوجد من الأنصار من لا يسمع بذلك، وهذا بعث للأمة وتهييج على الثبات في الدين والتصلب فيه، والهوى - مقصوراً: ميل الطباع إلى الشيء بالشهوة، والعلم: تبين الشيء على ما هو به.
ولما حسمت الأطماع عن إجابتهم رجاء الاتباع أو خشية الامتناع، وكان بعضهم قد قال: لو كان نبياً شغلته نبوته عن كثرة التزوج، كان موضع توقع الخبر عما كان للرسل في نحو ذلك، فقال تعالى: ﴿ولقد أرسلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿رسلاً﴾ ولما كانت أزمان الرسل غير عامة لزمان القبل، أدخل الجار فقال: ﴿من قبلك﴾ أي ولم نجعلهم ملائكة بل جعلناهم بشراً، ﴿و﴾ أثقلنا ظهورهم بما يدعو إلى