فنون العلوم، وأتى به في ذاك السياق معرفاً لما تقدم من ذكره في البقرة وغيرها ثم تكرر وصفه في سورة يونس وهود ويوسف والرعد بأنه حكيم محكم مفصل مبين، وأنه الحق الثابت الذي تزول الجبال الرواسي وهو ثابت لا يتعتع شيء منه.
ولا يزلزل معنى من معانيه، ذكره في أول هذه السورة منكراً تنكير التعظيم فقال:
﴿كتاب﴾ أي عظيم في درجات من العظمة. لا تحتمل عقولكم الإخبار عنها بغير هذا الوصف، ودل تعليل وصفه بالمبين بأنه عربي على أن التقدير: ﴿أنزلناه﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إليك﴾ بلسان قومك لتبين لهم.
ولما استجمع التعريف بالأوصاف الموجبة للفلاح المذكورة أول السورة المستدل عليها بكل برهان منير وسلطان مبين، فصار بحيث لا يتوقف عن اجتناء ثمرته من وقف على حقائق تلك النعوت، شوق إلى تلك الثمرة بعد تفصيل ما في أول البقرة في التي قبلها كما مضى بما يحث عليه ويقبل بقلب كل عاقل إليه فقال: ﴿لتخرج الناس﴾ أي عامة قومك وغيرهم بدعائك إياهم به وإن كانوا ذوي اضطراب ﴿من الظلمات﴾ التي هي أنواع كثيرة