أو أعطوا الفتنة من أنفسهم ففتنوها بأن أطاعوا في كلمة الكفر، أو في الرجوع مع من ردهم إلى بلاد الكفر بعد الهجرة من بعد إيمانهم ﴿ثم جاهدوا﴾ أي أوقعوا جهاد الكفار مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توبة إلى الله تعالى ﴿وصبروا﴾ على ذلك إلى أن ماتوا عليه ﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بتسخير من هذه صفاتهم لك.
ولما كان له سبحانه أن يغفر الذنوب كلها ما عدا الشرك، وأن يعذب عليها كلها وعلى بعضها، وأن يقبل الصالح كله، وأن يرد بعضه، أشار إلى ذلك بالجار فقال تعالى: ﴿من بعدها﴾ أي هذه الأفعال الصالحة الواقعة بعد تلك الفاسدة وهي الفتنة ﴿لغفور﴾ أي بليغ المحو للذنوب ﴿رحيم *﴾ أي بليغ الإكرام فهو يغفر لهم ويرحمهم.
ولما تقدم كثير من التحذير والتبشير، وتقدم أنه لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون، وختم ذلك بانحصار الخسار في الكفار، بيَّن اليوم الذي تظهر فيه تلك الآثار، ووصفه بغير الوصف المقدم باعتبار المواقف، فقال تعالى مبدلاً من ﴿يوم نبعث من كل أمة شهيداً﴾