فيه خالقهم ﴿وأصلحوا﴾ بالاستمرار على ذلك ﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بتسهيل دينك وتيسيره. ولما كان إنما يغفر بعد التوبة ما عدا الشرك الواقع بعدها، أدخل الجار فقال تعالى: ﴿من بعدها﴾ أي التوبة وما تقدمها من أعمال السوء ﴿لغفور﴾ أي بليغ الستر لما عملوا من السوء ﴿رحيم *﴾ أي محسن بالإكرام فضلاً ونعمة.
ولما دعاهم إلى مكارم الأخلاق ونهاهم عن مساوئها بقبوله لمن أقبل إليه وإن عظم جرمه، إجابة لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام في قوله ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ [إبراهيم: ٣٦] أتبع ذلك ذكره ترغيباً في اتباعه في التوحيد والميل مع الأمر والنهي إقداماً وإحجاماً إن كانوا ممن يتبع الحق أو يقلد الآباء، فقال على سبيل التعليل لما قبله: ﴿إن إبراهيم﴾ أي أباكم الأعظم إمام الموحدين ﴿كان أمة﴾ فيه من المنافع الدنيوية والأخروية ما يوجب أن يؤمه ويقصده كل أحد يمكن انتفاعه به ﴿قانتاً﴾ أي مخلصاً ﴿لله﴾ أي الملك الذي له الأمر كله ليس فيه شيء من الهوى ﴿حنيفاً﴾ ميالاً مع الأمر والنهي بنسخ أو بغيره، فكونوا حنفاء أتباعاً للحق،