تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب} [النحل: ٨٨] ﴿وترى الأرض﴾ بكمالها ﴿بارزة﴾ لا غار فيها ولا صدع ولا جبل ولا نبت ولا شجر ولا ظل ﴿و﴾ الحال أنا قد ﴿حشرناهم﴾ أي الخلائق بعظمتنا قبل التسيير بتلك الصيحة، قهراً إلى الموقف الذي ينكشف فيه المخبآت، وتظهر الفضائح والمغيبات، ويقع الحساب فيه على النقير والقطمير، والنافذ فيه بصير، فينظرون ويسمعون زلازل الجبال عند زوالها، وقعاقع الأبنية والأشجار في هدها وتباين أوصالها، وفنائها بعد عظيم مرآها واضمحلالها ﴿فلم نغادر﴾ أي نترك بما لنا من العظمة ﴿منهم﴾ أي الأولين والآخرين ﴿أحداً *﴾ لأنه لا ذهول ولا عجز.
ولما ذكر سبحانه حشرهم، وكان من المعلوم أنه للعرض، ذكر كيفية ذلك العرض، فقال بانياً الفعل للمفعول عل طريقة كلام القادرين، ولأن المخوف العرض لا كونه من معين: ﴿وعرضوا على ربك﴾ أي المحسن إليك برفع أوليائك وخفض أعدائك ﴿صفاً﴾ لاتساع والمسايقة إلى داره، لعرض أذل شيء وأصغره، وأطوعه وأحقره، يقال لهم تنبيهاً على مقام العظمة: ﴿لقد جئتمونا﴾ أحياء سويين حفاة عراة غرلاً ﴿كما خلقناكم﴾ بتلك العظمة ﴿أول مرة﴾ منعزلين من