فقالت: ﴿لله﴾ أي مقرة له بالألوهية والربوبية على سبيل الوحدانية. ثم رجعت إشارة إلى العجز عن معرفة الذات حق المعرفة إلى الأفعال التي هي بحر المعرفة فقالت: ﴿رب العالمين*﴾ فعمت بعد أن خصت إشارة إلى الترقي من حضيض دركات العمى إلى أوج درجات الهدى، فلله درها ما أعلمها! وأطيب أعراقها وأكرمها! ويقال: أن سليمان عليه السلام تزوجها واصطنع الحمام - وهو أول من اتخذه - وأذهب شعرها بالنورة.
ولما أتم سبحانه هذه القصة المؤسسة على العلم المشيد بالحكمة المنبئة عن أن المدعوين فيها أطبقوا على الاستسلام للدخول في الإسلام، مع أبالة الملك ورئاسة العز، والقهر على يد غريب عنهم بعيد منهم، أتبعها قصة انقسم أهلها مع الذل والفقر فريقين مع أن الداعي منهم لا يزول باتباعه شيء من العز عنهم، مع ما فيها من الحكمة، وإظهار دقيق العلم بإبطال المكر، بعد طول الأناة والحلم، فقال تعالى مفتتحاً بحرف التوقع والتحقيق لمن ظن أن هذا شأن كل رسول مع يدعوهم، عاطفاً على ﴿ولقد آتينا داود﴾ :﴿ولقد أرسلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إلى ثمود﴾ ثم أشار إلى العجب من توقفهم بقوله: ﴿أخاهم صالحاً﴾ فجمع إلى حسن الفعل حسن الاسم وقرب النسب. ثم ذكر المقصود من الرسالة بما لا أعدل منه ولا أحسن، وهو الاعتراف بالحق لأهله،