فإنه لا فرق في قدرتنا وعلمنا بين حياة وحياة، ودار ودار، ولعله بنى الفعل للمجهول إشارة إلى سهولة انقيادهم إلى الباطل مع أيّ صارف كان.
ولما وصف الجاهلين، أتبعه صفة العلماء فقال: ﴿وقال الذين﴾ وعبر بقوله: ﴿أوتوا العلم﴾ تنبيهاً على شكر من آتاهموه، وبناه للمجهول إشارة إلى تسهيل أخذه عليهم من الجليل والحقير، وأتبعه ما لا يشرق أنواره ويبرز ثماره غيره، فقال: ﴿والإيمان﴾ إشارة إلى تفكرهم في جميع الآيات الواضحة والغامضة مقسمين كما أقسم أولئك محققين مقالهم مواجهين للمجرمين تبكيتاً وتوبيخاً مؤكدين ما أنكر أولئك: ﴿لقد لبثتم في كتاب الله﴾ أي في إخبار قضاء الذي له جميع الكمال الذي كتبه في كتابه الذي كان يخبر به الدنيا ﴿إلى يوم البعث﴾ كما قال تعالى: ﴿ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾ [المؤمنون: ١٠٠] وأما تعيين مدة اللبث فأخفاه عن عباده، ولما أعلم القرآن أن غاية البرزخ البعث، وصدق في إخباره، سببوا عن ذلك قوله: ﴿فهذا﴾ أي فتسبب ما كنا نقوله وتكذبوننا فيه، نقول لكم الآن حيث لا تقدرون على تكذيب: هذا ﴿يوم البعث﴾ أي الذي آمنا به وكنتم