ولما كان المملوك ملكاً ضعيفاً قد يتغلب على مالكه فيناظره فيتأهل للشفاعة عنده، نفى ذلك في حقه سبحانه بقوله دالاًّ على عظمة القهر بأداة التراخي فقال: ﴿ثم إليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿ترجعون *﴾ معنى في الدنيا بأن ينفذ فيكم جميع أمره وحساً ظاهراً ومعنى في الآخرة.
ولما دل على أن شفعاءهم ليست بأهل للشفاعة، وعلى أن الأمر كله مقصور عليه، وختم بأنه لا بد من الرجوع إليه المقتضي لأن تصرف الهمم كلها نحوه، وتوجه العزائم جميعها تلقاءه، ولأنه لا يخشى سواه ولا يرجى غيره، ذكر حالاً من أحوالهم فقال: ﴿وإذا﴾ أي الحال ما ذكرناه وإذا ﴿ذكر﴾ وأعاد الاسم الأعظم ولم يضمره تعظيماً لأمره زيادة في تقبيح حالهم فقال: ﴿الله﴾ أي الذي لا عظيم غيره ولا أمر لسواه ﴿وحده﴾ أي دون شفعائهم التي قد وضح أنه لا شفاعة لهم: ﴿اشمأزّت﴾ أي نفرت كراهية وذعراً واستكباراً مع تمعر الوجه وتقبضه قلوبهم - هكذا كان الأصل، ولكنه قال: ﴿قلوب الذين لا يؤمنون﴾ أي لا يجددون إيماناً ﴿بالآخرة﴾ بياناً لأن الحامل لهم على ذلك إضاعة اعتقاد ما ختم به الآية من الرجوع