الإيمان حقيقة، ثم علل هذا الأمر بما أزال العذر فقال تنبيهاً على ما من علينا به من المراسلة فإن مراسلات فإن مراسلات الأكابر فخر فكيف بمراسلات الملوك فكيف بمراسلة ملك الملوك حثاً بذلك على شكره: ﴿قد أنزل الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿إليكم﴾ خاصة ﴿ذكراً *﴾ أي كاملاً مذكوراً فيه غاية الشرف لكل من يقبله بل تشرفت الأرض كلها بنزوله ورفع عنها العذاب وعمها النور والصواب لأن فيه تبيان كل شيء، فمن استضاء بنوره اهتدى، ومن لجأ إلى برد أفنائه وصل من داء الجهل إلى شفائه.
ولما كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صورة سورة القرآن، فالقرآن باطنه وهو ظاهره لأنه خلقه لا قول له ولا فعل إلا به، فكان كأنه هو، أبدل منه قوله: ﴿رسولاً﴾ على أن الأمر فيه غي عن تأويل، فإن الذكر بكسر الذال في اللغة كما في القاموس من الرجال القوي الشجاع الأبي، ثم بين كونه ذكراً بقوله: ﴿يتلوا﴾ أي يتابع أن يقص ﴿عليكم آيات الله﴾ أي دلائل الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام الظاهر جداً حال كونها ﴿مبينات﴾ أي لا لبس فيها بوجه.


الصفحة التالية
Icon