غير سورة الأنعام " [وما جمعت الشياطين لسورة من القرآن جمعها لها، ولقد بعث بها إلي مع جبريل - عليه السلام - ومعه خمسون ملكا أو خمسون ألف ملك ترفعها أو تحفها حتى أقروها في صدري كما أقر ماء في الحوض، ولقد أعزني الله بها وإياكم بها عزا لا يذلنا بعده أبدا وبها دحض حجج المشركين وعد من الله لا يخلفه. وعن المنكدر لما نزلت سورة " الأنعام " سبح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: " لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق ". قال الأصوليون: وسبب هذه الفضيلة أنها اشتملت على دلائل التوحيد والنبوة والمعاد، وإبطال مذهب المبطلين والملحدين، وذلك يدل على أن علم الأصول في غاية الرفعة]. بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ كَعْبُ الأحْبار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: هذه الآيةُ [الكريمة] أوَّلُ آية في التوراة، وآخرُ آية في التوراة قوله تعالى: ﴿وَقُلِ الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي الملك﴾ [الإسراء: ١١١] الآية الكريمة.
قال ابنُ عَبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: فَتَحَ اللَّهُ بالحَمْدّ، فقال: «الحَمْدُ اللَّه الذي خلق السَّموات والأرضَ»، وخَتَمَهُمْ بالحَمْدِ، فقال: «وقَّضَى بَيْنُمُ بالحقِّ»، وقيل: ﴿الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين﴾ [الرمز: ٧٥].
فقوله: «الحمدُ لِلِّهِ» فحمد اللِّهُ نَفْسَهُ تعليماُ لعباده، أي: احمدوا اللِّهَ الذي خَلَقَ السَّمواتِ والأرْضَ خصمها بالذِّكر؛ لأنَّهما أعْظَمُ المَخْلُوقَات فيما يرى العِبَادُ، وفيهما العبرةُ والمنافعُ للعباد.
وأعلم أنَّ المَدْحَ أعَمُّ من الحَمْدِ، والحَمْدُ أعَمُّ من الشكرِ؛ لأنَّ المْدْحَ يَحْصُلُ للعاقل وغي العاقلِ، فكما يُمْدَحُ الرَّجُلُ العاقلُ بفضله، كذلِك يُمْدَحُ اللُّؤلُؤ لحُسْنِ


الصفحة التالية
Icon