بهما السورة، وهي مؤنثة، وإن كان تأنيثها مجازيا، وإن اعتبرت أنها على حذف مضاف وجب صرفه، فتقول: قرأت هودا ونوحا يعني: سورة هود وسورة نوح، وقد جوز الصرف بالاعتبار الأول عيسى بن عمر، وفيه ضعف، ولا خفاء أنك إذا قصدت ب " هود " و" نوح " النبي نفسه صرفت فقط عند الجمهور في الأعجمي، وأما هود فإنه عربي فيتحتم صرفه. وقد عقد النحويون لأسماء السور، والألفاظ، والأحياء، والقبائل، والأماكن بابا في منع الصرف وعدمه، حاصله: أنك إن عنيت قبيلة أو أما أو بقعة أو سورة، أو كلمة منعت. وإن عنيت حيا أو أبا أو مكانا، أو غير سورة، أو لفظا صرفت بتفصيل مذكور في كتب النحو.
«كِتَابٌ» يجوز أن يكون خبراً ل: «ألف لام راء»، أخبر عن هذه الأحرف بأنَّها كتابٌ موصوفٌ بكَيْتَ وكَيْتَ.
قال الزجاج: هذا غلطٌ؛ لأنَّ «الر» ليس هو الموصوف بهذه الصِّفة وحده قال ابنُ الخطيب: وهذا اعتراضٌ فاسدٌ؛ لأنَّه ليس من شرط كون الشَّيء مبتدأ أن يكون خبره محصوراً فيه، ويجُوزُ أن يكون خبر ابتداءٍ مضمرٍ تقديره: ذلك كتابٌ.
قال ابن الخطيب: «وهذا عندي ضعيفٌ لوجهين» :
الأول: أنَّه على هذا التقدير يقعُ قوله: «الر» كلاماً باطلاً لا فائدة فيه.
والثاني: أنك إذا قلت: هذا كتابٌ، فقولك: «هذا» يكون إشارة إلى الآيات المذكورات، وذلك هو قوله: «الر» فيصير حينئذ «الر» مخبراً عنه بأنه ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾. وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله: ﴿ذَلِكَ الكتاب﴾ [البقرة: ٢] قوله: ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ في محلِّ رفع صفةً ل «كِتابٌ»، والهمزةُ في «أُحْكِمَتْ» يجوز أن تكون للنَّقل من حَكُمَ بضمِّ الكافِ، أي: صار حكيماً بمعنى جعلت حكيمةٌ، كقوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم﴾ [لقمان: ٢]. ويجوز أن يكونَ من قولهم: «أحْكمتُ الدَّابَّة» إذا وضعتَ عليها الحكمة لمنعها من الجماحِ؛ كقول جريرٍ: [الكامل]