سورة الروم
مكية وهي ستون آية، وثمان مائة وتسع عشرة كلمة، وثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وثلاث حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الروم﴾ وجه تعلق هذه السورة بما قبلها أن الله تعالى لما قال: ﴿وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾ وكان يجادل المشركين بنسبتهم إلى عدم العقل كما في قوله: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] وكان أهل الكتاب يوافقون النبي والإله كما قال: ﴿وإلهكم وَاحِدٌ﴾ [العنكبوت: ٤٦] وكانوا يؤمنون بكثير مما يقوله، بل كثير منهم كانوا مؤمنين (به) كما قال: ﴿فالذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [العنكبوت: ٤٧] أبغض المشركون أهل الكتاب وتركوا مراجعتهم وكانوا من قبل يراجعونهم في الأمور، وكان بين فارس والروم قتال والمشركون يودون أن تغلب فارس الروم لأن أهل فارس كانوا مجوساً آمنين، والمسلمين يَودُّون غلبة الروم على فارس لكونهم أهل كتاب فبعث «كسرى» جيشاً إلى الروم واستعمل عليهم رجلاً (يقال له: شهريار وبعث «قيص» جيشاً واستعمل عليهم) رجلاً يدعى يحانس، فالتقيا باذْرِعاتَ، وبُصْرَى، وقال عكرمة: هي أذرعات وكسكر، وقال مجاهد: أرض الجزيرة، وقال مقاتل: الأردن وفلسطين هي أدنى الشام إلى أرض العرب والعجم فغلبت فارس الروم فبلغ ذلك المسلمين بمكة، فشق ذلك عليهم وفرح به كفار مكة وقالوا للمسلمين: إنكم


الصفحة التالية
Icon