وهي ثمان وسبعون آية، وثلاثمائة وإحدى وخمسون كلمة، وألف وستمائة وستة وثلاثون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قال قال تعالى: «الرَّحْمن» فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: «الله الرحمن».
الثاني: أنه مبتدأ وخبره مضمر، أي: «الرحمن ربنا» وهذان الوجهان عند من يرى أن «الرحمن» آية مع هذا المضمر معه، فإنهم عدُّوا الرحمن «آية».
ولا يتصور ذلك إلا بانضمام خبر أو مخبر عنه إليه؛ إذ الآية لا بد أن تكون مفيدة، وسيأتي ذلك في قوله: ﴿مُدْهَآمَّتَانِ﴾ [الآية: ٦٤].
الثالث: أنه ليس بآية، وأنه مع ما بعده كلام واحد، وهو مبتدأ، خبره «عَلَّم القُرْآنَ».
فصل في بيان مناسبة السورة
افتتح السورة التي قبلها بذكر معجزة تدل على القهر [والغلبة] والجبروت، وهو انشقاق القمر، فمن قدر عليه قدر على قطع الجبال وإهلاك الأمم، وافتتح هذه السورة بذكر معجزة تدلّ على الرحمة، وهي القرآن، وأيضاً فأولها مناسب لآخر ما قبلها؛ لأن آخر تلك أنه ﴿مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٥٥] وأول هذه أنه رحمن.
قال بعضهم: إن «الرحمن» اسم علم، واحتج بقوله تعالى: ﴿قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى﴾ [الإسراء: ١١٠].
وأجاز أن يقال: «يالرحمن» باللام، كما يقال: «يا الله» وهذا ضعيف، وهو مختص بالله تعالى، فلا يقال لغيره.