تناجشوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا». قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً قال لابن مسعود: كيف أصبحتم؟ قال: أصبحنا بنعمة الله إخوانًا.
وقوله تعالى: ﴿وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾، قال قتادة: كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً، وأشقاه عيشًا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودًا، وأجوعه بطونًا، معكومين على رأس حجر بين الأسدين: فارس والروم، لا والله ما في بلادهم يومئذٍ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيًا، ومن مات يردى في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله لا نعلم قبيلاً يومئذٍ من حاضر الأرض كانوا فيه أصغر حظًا، وأدق فيها شأنًا منهم، حتى جاء الله عز وجل بالإِسلام، فورثكم به الكتاب،
وأحل لكم به دار الجهاد، ووضع لكم به من الرزق، وجعلكم به ملوكًا على رقاب الناس، وبالإِسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشاكرين، وإن أهل الشكر في مزيد الله، فتعالى ربنا وتبارك.
قال البغوي: ﴿وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ﴾، أي: على طرف حفرة مثل شفا البئر، معناه: وكنتم على طرف حفرة من النار، ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا [أن] تموتوا على كفركم، فأنقذكم الله منها بالإِيمان.
قوله عز وجل: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ


الصفحة التالية
Icon