فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) }.
قال ابن جريج في قوله: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ... الْكِتَابَ﴾ ليبيننه للناس ولا يكتمونه. قال: وكان فيه أن الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده وأن محمدًا يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. وقال قتادة: هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن علم شيئًا فليعلِّمه، وإياكم وكتمان العلم، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به، فيخرج من دين الله، فيكون من المتكلفين؛ كأن يقال: مَثَلُ عِلْم لا يُقال به كمثل كنز لا ينفق منه، ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب. وكان يقال: طوبى لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع، هذا رجل علّم علمًا فعلّمه وبذله ودعا إليه، ورجل سمع خيرًا فحفظه ووعاه وانتفع به.
وقال الشعبي في قوله: ﴿فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ﴾، قال: إنهم قد كانوا يقرأون: إنما نبذوا العمل به.
وقوله: ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ﴾، أي: منجاة، ﴿مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. قال الضحاك: فرح اليهود باجتماعهم على كفرهم بمحمد - ﷺ - وقالوا: قد جمع الله كلمتنا. وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، ونحن أهل الصلاة والصيام، وكذبوا، بل هم أهل كفر وشرك وافتراء على الله. وقال ابن زيد: هؤلاء المنافقون يقولون للنبي - ﷺ -: لو
قد خرجت لخرجنا معك، فإذا خرج النبي - ﷺ - تخلفوا وكذبوا ويفرحون بذلك، ويرون أنها حيلة احتالوا بها.
وقال البغوي: ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ﴾، قال الفراء: بما فعوا.


الصفحة التالية
Icon