سَعِيراً}، انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله - ﷺ - فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾، رواه ابن جرير وغيره. وقال الربيع: للولي الذي يلي أمرهم فلا بأس عليه في ركوب الدابة أو شرب اللبن أو يخدمه الخادم، وقال السدي: كان العرب يشددون في اليتيم، حتى لا يأكلوا معه في قصعة واحدة، ولا يركبوا له بعيرًا، ولا يستخدموا له خادمًا، فجاءوا إلى النبي - ﷺ - فسألوه عنه فقال: ﴿قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ﴾، يصلح له ماله وأمره له خير، وأن يخالطه فيأكل معه ويطعمه، ويركب راحلته ويحمله، ويستخدم خادمه ويخدمه، فهو أجود.
﴿وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾، فقال ابن زيد: والله يعلم حين تخلط مالك بماله، أتريد أن تصلح ماله أو تفسده فتأكله بغير حق.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لأعْنَتَكُمْ﴾، قال ابن عباس: لأخرجكم فضيّق عليكم ولكنه وسّع ويسّر، فقال: ﴿وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، أي: عزيز في سلطانه، حكيم فيما صنع من تدبيره وترك الأعنات.
قال ابن كثير: وقوله ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أي: ولو شاء الله لضيَّق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسَّع عليكم وخفف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon