إذن لماذا اختار (تفتأ) ؟ تفتأ من فعل فتأ بمعنى لا تزال ولا تبرح ولا تنفك ولا تفتأ وكلها تفيد الإستمرار والدوام. إذن لماذا اختار (تفتأ) مع العلم أن القرآن استخدم لا أبرح في مواقع كثيرة؟ برح من المغادرة ويوال من الإستمرارية أما تفتأ فهي تختلف بدلالة خاصة فهي تأتي بمعنى سكّن وبمعنى نسي وبمعنى أطفأ النار، وقد اختار تعالى كلمة (تفتأ) لأن المعنى المطلوب يحتمل كل معاني كلمة تفتأ: نار الحرقة لا تنطفيء في قلب يعقوب - عليه السلام - ثم معنى لا تنسى مع مرور الزمن كما يحدث لأي مبتلى في مصيبة فالزمن يُنسي المصائب أي لا تنسى ذكر يوسف ولا تزال تذكره، وبمعنى سكّن أي أنت لن تسكن ولن تكف عن ذكره لذا اختار تعالى هذه الكلمة (تفتأ) دون أخواتها لأنها أنسب فعل يجمع المعاني الثلاثة المقصودة وإضافة إلى ذلك حذف حرف النفي الذي لا يدل على التوكيد فالكلام في الآية غير متيقن.
مثال آخر:
(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٢٦٢﴾ ) سورة البقرة، حذف الفاء (لهم)
(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٢٧٤﴾ ) سورة البقرة ذكر الفاء في كلمة (فلهم)
الآية الأولى حذفت فيها الفاء (لهم أجرهم) والثانية ذكرت فيها الفاء (فلهم أجرهم) وقد ذكرت في الآية الثانية لأن السياق يقتضي الذكر. وذكر الفاء هنا يسمى تشبيه والتشبيه من أغراضه التوكيد (بالليل والنهار سراً وعلانية) فيها توكيد وتفصيل في الإنفاق ودلالة على الإخلاص فاقتضى السياق زيادة التوكيد لذا جاء بالفاء في مقام التوكيد والتفصيل.
الفاصلة القرآنية من حيث المعنى