عم، أصلها عن ما: عن أي شيء يتساءلون. النبَأ: الخبر، نبأ الشيء نبْئاً ونبوءاً ارتفع، وظهر. وعلى القومِ، طلع عليهم. ونبأ الرجل نبئا: أخبر. والنبوءة: النبوَّة. والنبيءُ، النبيّ المخبر عن الله تعالى. كلا: للردع ونفي الزعم الباطل. مهادا: فراشا ممهدا للناس، وقد جعل الله الأرض موطئا للناس وجميع المخلوقات يقيمون عليها، فهي فراش لهم. أوتادا: جمع وتد، والجبال كالأوتاد المغروزة في الارض تحفظ توازنها، وتمنعها من الاضطراب والميلان. ازواجا: ذكرا وأنثى ليتم الائتناس والتعاون على هذه الحياة وحفظ النسل وتكميله بالتربية. سباتا: راحة، سَبَتَ سَبْتا: نام واستراح وسكن. لباسا: سترا، لباس الجسم ما يستره. والليل شبيه باللباس لأنه يستر الاشخاص بظلمته. معاشا: وقتا لتحصيل اسباب المعاش. سبعا شدادا: سموات قوية محكَمة. سراجا وهاجا: وهذا السراج العظيم هو الشمس. المعصِرات: السحب التي تجيء بالمطر الذي يحيي الأرض ويغيث الناس. ثجّاجا: منصبّا بكثرة، وهو المطر الغزير. حَبا: وهو ما يقتات به الناس من جميع انواع الحبوب. ونباتا: جميع انواع الخضار. جنات: واحدها جنة، وهي الحدائق والبساتين، الفافا: ملتفة الاغصان، كثيرة الشجر.
كان الناس في مكة وغيرها في أول بعثة النبي ﷺ يسأل بعضُهم بعضا عن رسالة النبي، ويسألون غيرهم ممن عنده عِلم فيقولون: هل هو رسول من عند الله؟ وما هذا الخبر الذي جاء به ويدعي أنه مرسَل من قِبل الله، ويدعو الى توحيده والى الاعتقاد بالبعث واليوم الآخر؟ وكان هذا شيئا جديدا عليهم، فردّ الله عليهم بقوله تعالى:
﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ النبإ العظيم الذي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾
عن أي شيء يتساءلون؟ عن هذا الخبر العظيم الذي اختلفوا فيه، بعضهم ينكره، وبعضهم يتردد في صحته. إنهم لم يسمعوا به من قبل، لذلك استغربوا خبرَ البعث والحياة بعد الموت. وقالوا: هذا مستحيل، ﴿وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر﴾ [الجاثية: ٢٤] ؟
ثم ردّ الله عليهم الإنكارَ والترددَ بقوله:
﴿كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾
ليس الأمرُ كما يزعم هؤلاء المنكِرون للبعث بعد الموت، ستنكشِفُ لهم الحقيقةُ وسيعلمون حقيقةَ الأمرِ حين يُبعثون ويَرَون صحةَ الخبر، يومَ تقومُ الساعة ويفصِل الله بينهم في كل ما اختلفوا فيه.
ثم شرع يبيّن لهم عظيمَ قُدرته، وآياتِ رحمته التي غَفَل عنها أولئك المنكِرون مع أنها أمامهم وبين أعينِهم في كل حِين. فذكر من مظاهرِ قدرته تسعةَ أمور يشاهِدونها فقال:
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً﴾
١- الم نبسُط لهم هذه الأرضَ التي يعيشون عليها، ونمهّدها لهم لِيسيرَ الناسُ عليها والحيوان، ويستقروا بها.
٢- ﴿والجبال أَوْتَاداً﴾ فالجبالُ جعلها الله مثلَ الأوتاد، تحفظ توازنَ الأرض، اذ يبلغ سُمكُ الجزء الصلب من القشرة الارضية نحو ستين كيلومتراً، وتكثر فيه التجاعيد فيرتفع حيث تتكون الجبالُ، وينخفض لتكونَ بطونُ البحار وقيعان المحيطات والأودية.